03‏/05‏/2018

رسائل منّي إلي(2)~ حتّى لا أكون حمقاء

الفنان السوري الجميل، صفوان داحول.




نور التي تحبّ أن تفرقع أصابعها عندما تشعر بالحماس:

لا تطبخي التراب بعد الآن يا نور. لن تصيّره أناملك شيئًا قابلًا للأكل، فالتراب هنا مرٌّ ومُضمّخٌ بالدم. تغسلينه؟ تعقّمينه بالماء الساخن؟ تضيفين له الفانيليا؟ تحاولين جاهدة أن تستنبتي منه وردة؟ لا تفعلي يا صديقتي في خوض التجارب الحمقاء. الدم لا يلد إلا دمًا وهذا أكبر منا. إنه إن صحّ القول غول متسارعٌ في النمو. قدمت له جارتنا ابنها قربانًا في الأسبوع الماضي. وركلوا تلك الفتاة المسكينة إلى غرفته الخلفية في الليلة الفائتة حتّى ترضيه لكنهم فشلوا. فلا تطبخي له التراب أيضًا.

بدل ذلك. تعالي. هيّئي لنا منضدة صغيرة وشمعتين ودعينا نبدأ الحديث كما نفعل دومًا. دعينا نسجل أغنياتنا ونرتجل قصائدنا ونختلف على القافية. أنا أريدُ لكلّ السطور أن تنتهي بحرف الراء وأريد أن أسمي قصيدتي "كرز" وأنت تقولين أن حرف السّين أكثر دفئًا وتريدين أن تسمّي القصيدة "خيمة". ألا ترين؟ بإمكاننا أن نتفاهم حول كل شيء. أن نبني "خيمة من كرز مثلا". أن نجعلها بيتًا آمنا نكترث فيه لصوت عصفور يختبر حنجرته للمرة الأولى ونسمع ارتجاج أدمغتنا تحت وطأة الغارات ثم نضحك ولا نطبخ للظالمين شيئًا سوى الفن.

هيّئي لنا الليل وأضيئيه بجدائلك. أعرف أنها قصرت وسيصير لونها مثلجًا لكنني أؤمن بدفئها وأعرف أنها مثل الموسيقى، تدعو الهواء للثورة وتخترع العالم من جديد. فاخترعيني مرة أخرى. اجعليني جبلًا بغرف مضيئة وسلّطي علي غيمة ثم اقطعي حبلها المقدّس ودعينا نمطر. وأنا أعدك أنني حيثما سقطتُ سأبقى جبلًا.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.