06‏/10‏/2015

رسالة مستعجلة إلى الله "2"



يا الله..
أشعرُ بالبرد فلماذا لا تبقى بقربي قليلًا ريثما تمرُّ هذه المرحلةُ العصيبة؟
أدركُ تمامًا أنك هنا بطريقة أو بأخرى لكنني أريدُ أن أشعر بالتصاقك بي أو أشعر أنني محميّة ومصانة ضدّ كل هذا العدوان المركّز علي.. ألا يمكنني أن أكسب الحسنات بشيء سوى الصبر؟ لقد تعبتُ منه وتعب مني كما هو واضح وإنني أتحدث إليك كما يتحدث صديق إلى صديقه عن مشكلة عميقة دون أن يراعي ظروفًا أو ينتبه إلى تململه أو إلى انزعاجه لأنه نسي أن يلقّبه أو يقول له "لأنني أحبك فإنني أبوح لك"..

يا الله..
أريدُ أن أعرف ما يكون اسم السّماء حين تنتهك حرمات غيومها..وحين تغتصبُ زرقتها فلا يُقام لهذا وزنًا..
أريدُ أن أعرف سببًا لغضبك.. وإن كنّا نُعاقبُ فلماذا لا يحدثُ العكس.. لماذا لا يُسامحُ المخطئون لأن الطيّبين استمرّوا في كونهم كذلك؟ فلم يقتلوا ولم يمصّوا دماء الناس ولم يبيعوا قلوبهم!

يا الله..
يا من وزّعت كل المطر على قلوبنا لا تقطعهُ ولا تسمح لهم أن يؤلّفوا قصصًا سخيفةً لسبب هطوله. أعطني القوة الكافية لأقول إنه يهطلُ من "أجلي" مثلًا واكفني شرّ فقدان الثقة في ذلك.. اكفني شرّ ألا تحبّني بالقدر الكافي لأحيا ولأبتسم.. اكفني شرّ أن أعدك وأكذب وشرّ أن أحضّر فنجان قهوةٍ ولا تشربه مع أفكاري المتدفّقة والغزيرة..
اكفني شرّ أن أحتاج إلى فستان قديم وأعطني القدرة على أن اخترع بهجة من قماشٍ مُهمَل..

يا الله..
أخبرني بمنطقة من الشوكولا لا يعرف عنها أحد فقد سمعتُ آسفةً أنها ستنقطعُ لا محالة.. الجزء الطفولي منّي قال"لا" أما الجزء الناضجُ حدّ الاحتراق "كل شيء إلى زوال" وعادت الطفلة لتمدّ لسانها قائلة" أنا ذاهبة إلى الجنة وفي الجنّة شجر شوكولا وسماء بنيّة"! أليس صحيحًا؟ نظرتُ إليك وابتسمتُ وشعرتُ بكلّ جرأة أنك تغمزُ لي..

يا الله..
تقولُ صديقتي التي يلقّبها الجميعُ "بالتقيّة" إنني لا أحترمك بما يكفي وإنني كافرة لأنني أحبُّ الموسيقى وأبكي إن سمعتُ لحنًا موزونًا يخرجُ من روحٍ نفختها أنت وزرعت فيها الجمال.. كما أنها توبّخني إن لبستُ قميصًا أحمر أو ابتسمتُ في وجه جارتنا"غير المسلمة".. سيكونُ رائعًا لو تخبرها أن تتواضع أكثر ولو أنك تدنو من ضعفها فتريها حقيقتك الرحيمة أو تدلّها نحو الطريق الذي يجعها تكتشفُ ذلك بنفسها..
وحدك تدركُ كم تهتُ أنا حتّى وصلتُ إليك.. وحتّى أصبحتَ صديقي..
وحدك تدركُ كمّ الجروح الدامية في روحي التي ما برأت إلى الآن وتعلمُ ألا شيء يعادلُ ابتسامتك في وجهها..
فلا تحاسبنا بما فعل القساة منا.. وخذني نحو الغيم في نفس الصورة التي أنزلتني فيها.
طفلة بيضاء جائعه..!

إنني أحبكَ.


على الهامش: شاهدوا الحرائق واستدفئوا بها.. لا يمكنكم أن تُعيدوا الخضرة التي ذهبت
لكن يمكنكم أن تخلقوها في مكان آخر ..


04‏/10‏/2015

"عليا" شكراً






عليا.. يا عليا.. يا أم العيون الحلوة شكرًا لأنك من بين الزّحام أتيت لتهوّني كلّ هذه الرحلة.. ولأنك لم ترتدي إلا عينيك حين قررت أن تقتحمي كل الحرّ وتعلني أنك النسمة الوحيدة القادرة على إنعاشي.. ولأنك ما مللت يومًا من الدّخول علي وأنا أتذمّر وما امتنعتِ عن إعطائي يديك لأفتح بهما باب الحافلة الصّدئ فأخرج ولا أراك..
شكرًا  لأنك أجّلت كل مواعيدي مُسبقًا وأتيت بي طائعًا وطفلًا إلى النافذة المشتهاة التي تطلّ على عريك ولا تطالك.. فأنت الشجرة وأنت السّماء وأنت الزّهرة البرية التي لا يحميها فيء..
شكرًا لأنك دفعت عني ثمن طيشي.. ولأن كل النساء صفر على شمال عينيك..
شكرًا لأنك لم تضعي لي سترة تحميني من "الهوى" ولأنه أخذني وطيّرني.. زرتُ كل النساء في مخيلتي لكنني لم أغرق إلا في حقيقتك..
ولو أنك تسمحين لما كنتُ عدتُ إلى السطح يومًا..
ولو أن الوقت الرابض على حدود أنفاسي يلين فإنني سأركب هذه الحافلة كل يوم لعلّ الذكرى تتحول إلى "أنت" فأشوي لحمك بقبلةٍ وآكلك وأشبع.. فنموت متأثرين بتخمة السفر نحو اللاعودة ونحو أن نكون معًا لأول مرة..
لو أنّ الله يكافئني على كلّ "لو أنّ" التي بلا جدوى فيعطيني إياك وأنا أعدهُ أن أصبح إنسانًا فاضلًا وأن أؤلّف الموسيقى لكل حافلات العالم وأكتب آية موزونة عن اللون الغافي في حديقة عينيك الخلفية..


على الهامش: أنا أشعر بالغيرة لأنك غسلت له "الخس"..
وحين ألتقيك سوف نتحاسب على هذا!

أيها العالم "تفووو"!





هل يضرّني أنني لا أكتبُ عن كلّ هذه المأساة؟ هل ينتقصُ من إنسانيّتي أنني لا أبكي ولا أتململُ من الموت، أنني لا أسأل عن بلدٍ أغلق حدوده ولا أعاتبُ رجلًا لم يفتح ذراعهُ لاستقبال طفلٍ أو لضمّ عائلةٍ محتاجه؟ هل يؤذيني أنّ شاعريّة الموقفِ لا تؤثّرُ بي؟
وأنّ لغتي لم تصغ خاطرةً عظيمةً أو قصيدةً منكوبة، ولم تستطع أن تتلاشى إلى زاوية من الحزن العميق؟
هل ينزعجُ العالمُ من مجابهتي لهُ بالموسيقى؟ هل سيتفهّمُ تلاوتي لأغنياتٍ رديئةٍ وامتناني الشّديد لنافذةٍ سماويةٍ مفتوحة على المجهول؟هل يقزّزهُ أن سكّينه العالقةَ في خاصرتي لا تمنعني من قول صباح الخير والتفكير العميق في طريقةٍ لأضمّ من أحب؟
هل يسيء إليه ظهري المكشوف المحرم عليه؟ وهل من الخطأ في مكان أن يموت غيظاً بينما أقول لعالمي الآخر "بيني وبينك في أسرار"؟ هل من الخباثة أن أتلمّض أمامه من حموضة دمي بعد أن سفكه وسفحه ووقف يضحك؟ ما هي الجدوى من أن يهتمّ بي في النهاية وأن يدّعي أنه أبٌ ناجحٌ يخاف على مصلحتي ويقتادني نحو الأفضل؟

أيها العالم. أنا لستُ حمارة لأصدّق أن هذا الحمل يناسبني وأنني لا يجبُ أن أرميه وأتحرر
أنا لستُ تقيةً بما يكفي لأصلّي كلّما نجوتُ من قنبلة لكنني طفلة بما يكفي لأشاركك قطعة شوكولا بين فترة وأخرى..

أيها العالم. فلتهدأ قليلاً
فلتتنفس من هذه القارورة التي ننشحرُ فيها ولا نحب بعضنا رغم ذلك.
فلتجرّب أن تتذوق وجعك دون أن يساعدك أحد ولتجرّبْ أن تخاف من هدير الحرب فوق رأسك ولتجرّب أن تغفو متأثرًا برائحة البارود.

أيها العالم. فلتشتر فستانا جديدا ولتتذكّر ألا يكون "شرعيًّا" هذه المرة، إن ركبتك العارية مغريةٌ وصادقة.



أيّها العالم
لا بأس بتبادل الأدوار قليلًا
أنت تبكي وأنا أتفرّجُ عليكَ وأدعوكَ للرقص فوق جثّتك!


على الهامش: مات؟
وأصبحت عظامه مكاحل!

يتم التشغيل بواسطة Blogger.