13‏/10‏/2016

رائحة التمر



إلى هِداية،

نُشُوز.. نُشُوز. نَشَزَتْ عظامي مني إليك. 
أنا هنا كتمثال مدفون. تصوَّري كم أنا عاجز عن الحس والحركة. 
كل قطعة مني انسحقت هنا وذَرَتها قوَّة غامضةٌ إلى غرفة نومك. 
لكن برغم هوْل القوة ووحشيَّتها لم يتزحزح عقلي من مكانه. 
فأيُّ جمودٍ أنا فيه؟! 
أن يكون لديكِ كُلِّي وفي الوقت نفسه أستطيع أن أعيَ مكاني الوحيد وفقاعات الفراغ المحيطة بي. 

أشتهي أن أتجاوزَ ذاتي. 
جربتُ أن أدورَ حولي كالصوفيين لكنني كنت ضعيف الإيمان. 
مدَّدتُ أطرافي ورأيتُها أطولَ، لكنها لما تجاوزت مجالَ رؤيتي لم تعد أطرافي. 
أتمنى لو أستطيع أن أؤدي طقسا أو أكذوبةً أو أهمهم وأغمغم فأنسى ذاتي قليلا وأهوي إليك. 

حينما أدركتُ أنني أحبك تخيَّلتُ رائحتك. 
كيف يتخيَّل المرء رائحة؟ 
كنتِ تقولين إن رائحتك يقطين، خوخ، زنجبيل، جوز. 
لكنني شممتُكِ دائما فكنتِ أقرب إلى التمر. إلى التمر المجفف أكثر. 
صنعتُ من انعدام الرائحة شيئا ألمسه بيديَّ القصيرتين. 
وفي كل مرة أقبض قبضة من التمر وأقرِّبها من وجهي أشعرُ بك. 

اعتاد إنسانُ الصحراء، وأنا ذلك الإنسان، أن يخلُق ما لا يجد وما لا يطال وما لا يفهم. 
يخلق الجنَّ والماء والأبطال الخرافيين بأجنحتهم العملاقة وتحمُّلهم لحرارة النار والأعمال الشاقة. 
ماذا يفعل إنسان الصحراء عندما يحبُّ أو يتخيَّلُ حبيبة؟ 
لذا على شبهِك خلقتُ عصافير بيضاء تحملني إليك بقدر ما أحملها في جيوب ملابسي وذاكرتي. 
أنا إنسان الصحراء حيث يُزرع الأنبياء وأنت إنسانة الجبل حيث تتكلم الآلهة. 

يا جسد التمر الذي بلا رائحة، يا جسد الغياب، يا جسد الحنين والاختناق، 
طعمُ التراب يحجبُ صوتي، وأنا مكبَّلٌ في واقعٍ سيءِ الملمس. 
ما هي احتمالات أن تنشز عظامي وتنسحق عند سريرِ نومك؟ 
سألغي عقلي وأنام. 


يتم التشغيل بواسطة Blogger.