عائلة لاوكون، رسمها بيل سندرسون، 1990 |
جمعت هذه المقالة من عدة مواقع متخصصة في علم الجينات، يجب أن تعلموا أن المقالات التي نقلت منها هذه المعلومات لم تكن تنتهي بأية مراجع، لذا فهذا هو كلام المتخصصين الذين أجابوا على أسئلة من هذا النوع، وقد يحتوي بعض الأخطاء أو التخمينات.
مع الشمبانزي والدودة الحلقية؟
دراسات العلماء الطويلة للحمض النووي دائما تذكرنا بأننا لسنا وحيدين في هذا العالم، هناك أشخاص نظنهم "آخرين" لكنهم يشابهوننا كثيرا أو قليلا. بعض النسب والأرقام التي تقرأها هنا ليست لمجرد التسلية، بل من شأنها أن تجعلك تدرك كم أنت منتمٍ إلى الوجود الذي حولك.
لعلك تعلم أننا نتشارك مع الشمبانزي الكثير من حمضنا النووي، لكنك ربما لم تفهم المعنى الدقيق لهذه المشاركة. أنت تشارك الشمبانزي (98%) وسمكة الزيبرا (85%) وذبابة الفاكهة (36%) والدودة الحلقية (21%) ونبات الخردل (15%) والبكتيريا (7%) بعض جيناتك، بل الكثير منها! وقد تسأل: كيف أكون أنا والشمبانزي متشاركين في قرابة 98% من معلوماتنا الوراثية بينما نتشارك أنا وأمي فقط 50%؟ [1]
الجينات التي تتشاركها مع الشمبانزي (ومع أي كائن من غير نوعك) هي مجرد تسلسلات الحمض النووي DNA القابلة للترتيب بطرق عشوائية واحتمالات لا نهائية تقريبا، بينما ما تتشاركه مع أمك هو الجينات نفسها، أي -في حالة الأمهات- أنت تملك تقريبا نصف الجينات التي تملكها أمك. لكنك بالطبع لا تملك 98% من الجينات نفسها التي يملكها أحد أفراد نوع الشمبانزي.
هذه علاقتك بالشمبانزي، فما هي علاقتك بي أنا رمزي؟
نحن نتشارك حوالي 99.5% من جيناتنا مع كل شخص على كوكب الأرض تقريبا. لكن هذا فيما يتعلق بتركيبة الحمض النووي وشيفراته، أما فيما يتعلق بالتسلسل المشترك المتماثل الذي نتشاركه مع أقاربنا فتختلف النسب من 100% بين التوائم المتطابقة إلى 0.78% في صلات القرابة من الدرجة السابعة (الجد السابع مثلا) [الجدول رقم 3].
بعض الإثارة! [2]
1- يمكن لجميع الناس الآن أن يتعقبوا أسلافهم إلى الشخص رقم 10000 من أقاربهم الذين عاشوا منذ 175000 سنة مضت.
2- الأشخاص الذين يربطك بهم سَلَف مشترك قريب (بضعة أجيال) يتشاركون معك أكثر من 99.5% من جيناتهم معك.
3- كلما كان لشخص أكثر قربا كانت نسبة الجينات المشتركة بينكما أكثر، والعكس صحيح.
قبل أن تبدأ... [2,3,4]
سنجدد معلوماتنا عن علم الوراثة حتى لا يصعب علينا فهم المعلومات الكثيرة فيما بعد.
1- الحمض النووي منزوع الأوكسيجين DNA هو الجزيء الذي يتألف منه الجينوم genome - الجينوم هو جميع المعلومات الجينية (الوراثية) للكائن الحي.
2- الجينات هي الشفرات الوراثية لصناعة البروتين.
3- البروتين هو وحدة بناء الأنسجة ووظائفها.
4- الحمض النووي مكون من سلسلة طويلة جدا من الحروف أو القواعد النيتروجينية (سايتوسين C، جوانين G، أدينين A، ثايمين T). كل واحد منا لديه قرابة 6 مليون حرفا مرتبة بترتيب مختلف؛ وهذا ما يجعلنا فريدين.
5- الكروموسومات ببساطة هي قطع كبيرة من DNA تقع في نواة الخلية.
6- الإنسان لديه 23 زوجا من الكروموسومات (46 كروموسوم). نصفها يحصل عليه من الأب والنصف الآخر من الأم. لكن هذه الكروموسومات لا تنتقل كما هي من الوالدين إلى الإبن، بل يحمل الإبن مزيجا من كل زوج منها. لذا فإن زوج الكرومسومات الذي تحصل عليه من أبويك (واحد من الأب + واحد من الأم) يختلف تماما عن الكروموسومات الأصلية لهما.
7- قبل أن تنقسم أزواج الكروموسومات في البويضة والحيوان المنوي تحدث عملية إعادة بناء recombination لجزيء DNA. أثناء عملية إعادة البناء تتوزع جزيئات الحمض النووي بين الكروموسمات المتصلة في كل زوج. يحدث هذا لإنتاج تركيبة فريدة (غير مشابهة لجزيئات الأبوين) من الجينات.
8- الكروموسومات تضم معظم حمضنا النووي، ما عدا الحمض النووي الميتوكونديري mitochondrial DNA الذي هو خيط صغير من الحمض النووي المفصول عن الكروموسومات الـ 23 التي نرثها من كلا الأبوين، ويوجد في أجسام صغيرة داخل خلايانا تسمى (الميتوكوندريا) المسؤولة عن تكسير السكر (الطاقة). نحن نرث الحمض النووري الميتوكونديري من أمهاتنا فقط.
9- الأوتوسومات Autosomes هي كل الكروموسومات باستثناء الكروموسوم X والكروموسوم Y (كروموسومات جنسية).
10- هذان الكروموسومان يعملان بطريقة تختلف عن الأوتوسومات. المرأة لديها زوج من كروموسوم X يُمزَج shuffled أثناء تكوين البويضة. أما الرجل فلديه كروموسوم X واحد وكروموسوم آخر صغير (Y). كروموسوم Y يحوي فقط القليل من الجينات التي لا تُمزج أثناء تكوين الحيوان المنوي.
11- أحد الجينات على كروموسوم Y هو الذي سيحدد أن يكون المولود ذكرا. كروموسوم X أيضا لا يُمزَج عند الرجل؛ لأنه لا يملك إلا كروموسوم X وحيدا. المرأة تمرر كروموسوم X إلى جميع الأبناء، بينما يمرر الرجل كروموسوم X إلى بناته وكروموسوم Y إلى أولاده.
12- يملك الإنسان ما بين 25000 إلى 100000 جينا، والإجماع الآن على أن عدد جيناتنا يبلغ قرابة 30000.
الجدول رقم 1، أقارب الدرجة الأولى |
لو أنني وأصدقائي ألقينا نظرة على الجدول في الأعلى وعرفنا أن الإخوان يتشاركون 50% لأنهينا النقاش وقضينا الساعتين في مكان آخر أقل حرارة! لكن هذه لم تكن مشكلتنا، لقد كنا بحاجة إلى تفسير علمي، كنا بحاجة إلى فهم الآلية التي وُزِّعت بها هذه النسب، فهل تحتاجون أنتم؟
التوائم المتطابقة (100%):
التوأمان المتطابقان يتشاركان نفس البويضة ونفس الحيوان المنوي (نفس الزيجوت)، إذن يتشاركان 100% من الجينات الموروثة من الوالدين. لكن هذا لا يعني أنهما نفس الشخص، فهناك عوامل أخرى تجعل كل واحد منهما فريدا، هذه العوامل تسمى epigenetics أي التي لا تتعلق بالجينات (مثل: البيئة).
التوائم غير المتطابقة (أكثر أو أقل من 50%):
التوأمان غير المتطابقين يختلفان عن المتطابقين، فبرغم أنهما توأمان، إلا أنهما جاءا من بويضتين (لا من بويضة واحدة) لُقِّحتا بحيوانين منويين (لا بحيوان منوي واحد)؛ لذا فهما لا يختلفان عن بقية الأشقاء الذين يتشاركون 50% من معلوماتهم الجينية.
الإخوان الأشقاء (أكثر أو أقل من 50%)، لماذا؟
في حالة الإخوان يختلف الأمر. نحن نتشارك مع إخواننا الأشقاء 50% من جيناتنا، ولكن ليس بنفس الطريقة التي نتشارك بها مع والدينا.
أخوك أو أختك ورث 23 كروموسوم من كلا الأبوين، لكن بسبب توزيع الحمض النووي تختلف هذه الكروموسومات عن التي لديك. لذا أنت في المتوسط تشارك أخاك أو أختك 50% من جيناتك.
أنت لديك نسختين من معظم جيناتك، هذا معناه أن أبويك سينقلان إليك نسخة من هاتين النسختين، وكذا سينقلان إلى شقيقك أو شقيقتك.
تصور أن جينات والديك هي عبارة عن عُملة معدنية coin، وأن وجهيْ العملة -الرأس والذيل- هما نسختا الجين الذي سينقلانه إليك وإلى أشقائك.
فرصة حصولك على إحدى النسختين -رأس أو ذيل- هي محض صدفة عشوائية، كما يحصل عندما ترمي العملة المعدنية؛ قد تحصل على رأس أو ذيل.
وبما أننا نملك قرابة 25000 جين في حمضنا النووي، فإن فرصة حصولنا على أيِّ النسختين يشبه فرصة حصولنا على الرأس أو الذيل إذا قمنا برمي العُملة المعدنية 25000 مرة. وإذا قمنا بهذا، فمن المحتمل جدا أن نحصل على 50% رؤوس و50% أذيال! إذن أنت وأشقاؤك تتشاركون قرابة 50% الجينات؛ أي هناك احتمال النصف أن تحصلوا على نفس النسخة من الجين وهناك احتمال النصف أيضا أن تحصلوا على نسخ مختلفة.
قد لا تحصلون على 12500 بالضبط. قد تحصل أنت على 12600 رأسا و12400 ذيلا، ويحصل شقيقك على 12550 ذيلا و12450 رأسا.. وهكذا. لكنكما تقتربان جدا من النصف.
الجدول رقم 2، أقارب الدرجة الثانية |
هناك تداخُل بنسبة 50% بين الحمض النووي الذي ترثه أنت وأخوك غير الشقيق من أبيكما (أو أمكما). إذن أنتما تتشاركان نصف الـ 50% التي ترثانها من الأب، أي 25%.
في حالة الأجداد والأعمام (والعمات) والأخوال (والخالات)، نحن نتشارك معهم 25% من جيناتنا أيضا. إذا أردت أن تعرف كيف يحدث هذا، فأنت تملك الكثير من المعلومات. لاحظ أن أباك يشارك أباه (جدك) بنصف جيناته (50%)، وأنت تشارك أباك في النصف أيضا، إذن فأنت تشارك جدك في نصف النصف، أي 25%.
أما عن العمومة والخؤولة، فإذا كان أبوك يشارك إخوته (أو أمك تشارك إخوتها) في النصف، فأنت تشارك أعمامك وأخوالك في نصف النصف، أي أيضا 25%.
وبالتأكيد، إذا كنت أنت تتشارك مع أعمامك وأخوالك 25% من جيناتك، فأنت تتشارك النصف مع أبناء إخوتك وأبناء أخواتك (أي من أنت عم لهم أو خال لهم).
المعروف أن أبناء العمومة يتشاركون 12.5%، وذلك لأننا نشارك أعمامنا في 25%، وأبناء أعمامنا يشاركون آباءهم (أعمامنا) في 50%، إذن نحن نتشارك مع أبناء أعمامنا في نصف ما نتشاركه مع أعمامنا، أي 12.5%. لكن هناك حالة خاصة، وهي أبناء العمومة المزدوجة double-cousins وهم الذين جاؤوا من أخوين شقيقين تزوجا أختين شقيقتين. أي يكون ابن العم في نفس الوقت ابن الخالة، وهنا تتضاعف نسبة المشاركة إلى 25%؛ ومن السهل فهم هذا التضاعف. فإذا كنت تشارك ابن عمك في 12.5% فأنت في نفس الوقت تشارك ابن خالتك في نفس النسبة كما ذكرتُ، ومجموع هذه المشاركات يصل إلى 25%.
آخر من يمكن أن تشاركهم رُبع معلوماتك الوراثية هم أبناء عمومتك في حالة التوائم المتطابقة. يحدث هذا عندما تتزوج أنت وتوأمك المُطابِق توأمين متطابقين، وهنا يتشارك ابن عمك 50% من جينات أبيك -بعكس الأبناء في حالة الإخوان الأشقاء غير التوائم الذين يتشاركون مع الأعمام فقط في 25% كما تقدم- وإذا كنت أنت تشارك عمك في النصف، إذن فأنت تشارك ابن عمك في هذه الحالة في الربع.
الجدول رقم 3، أقارب الدرجة الثالثة |
ماذا عن أعمام أبيك أو أمك، أتوقع أنك تستطيع التخمين، فالأمر سهل، إن أباك يشارك أعمامه في 25%، وأنت تشارك أباك في النصف، فكم يساوي نصف الربع؟ الثمن، أي 12.5%. وكذا الحال مع أخوال الأبوين.
لكن إذا كان لأختك بنت وأنجبت بنتا أخرى، فمن تكون أنت بالنسبة لها؟ إنك عمُّ أمِّها. إذن فكم تشاركك من جيناتها؟ من كلمة "عم" نستنتج نسبة 25%، ومن كلمة "أمِّها" نستنتج 50%، إذن عدنا إلى نصف الربع الذي يساوي الثمن 12.5%. وكذا الحال مع أبناء أبناء الإخوان.
هناك بعض الحالات التي تشارك فيها الآخرين 12.5% من جيناتك، وهي أنصاف الأعمام half-uncles وأنصاف الأخوال half-aunts الذين هم أعمامنا وأخوالنا ولكنهم ليسوا إخوان آبائنا الأشقاء، أي هم الأشخاص الذين يشاركون آباءنا في 25% وليس في النصفكما تقدم في الإخوان غير الأشقاء، إذن فنحن نشاركهم في نصف الربع 12.5%. وكذا الذين أنت نصفُ عمٍّ لهم، أي أبناء إخوانك غير الأشقاء، فأنت لا تشاركهم 25% كما هو الحال في أبناء إخوانك الأشقاء، بل بالثمن 12.5%.
الأقارب من الدرجات بعد السابعة (الثامنة، التاسعة...) يتشاركون معنا القليل جدا من عدد الجينات، أي أقل من 0.78%. هناك فرصة قليلة جدا (أقل من 50%) في أن نتشارك أوتوسوما واحدا مع الجد الرابع عشر، أو مع أحدهم بعد مرور 15 قرنا. هذا لا يعني أننا لا ننتمي إليهم بالنسب، بل أننا معلوماتنا الجينية لا تحمل منهم إلا بعض الفرص.
المراجع:
[1] www.quora.com
[2] genetics.thetech.org
[3] freepages.genealogy.rootsweb.ancestry.com (الجداول منسوخة من هذا الموقع)
[4] humanorigins.si.edu
[5] learn.genetics.utah.edu
0 التعليقات:
إرسال تعليق