12‏/08‏/2016

إلى مارلين







عزيزتي مارلين،

شتمتُ مدير العمل أخيرًا. قلتُ له أنه استغلاليٌّ بكرشٍ مليءٍ بالقذارة، ثمّ هجتُ ومجتُ أمامه مثل ثور بري وانهالت يداي على مكتبه الفخم قائلًا بمنتهى التوحّش: "أنا مستقيل". كان عليك أن ترَيْ وجهه. أشبه بسمكةٍ نافقة. فتحتُ الباب وخرجت رجلًا حرًّا بلا عمل. جبتُ شوارع المدينة وزرتُ المتحف الفنيّ حيث وجدتُ لوحات مدهشة حقًّا وأحببتُ أن أتحسّس قميصك المزهّر أمام إحداها. اشتريتُ بعد ذلك كعكًا وكوبًا من القهوة الداكنة. جلستُ على مقعد خشبي جانب امرأة لا يبدو أنها انتبهت لي أصلا. في الثلاثين كما أعتقد. من النساء اللواتي يعتّقهن العمر ويكسبهنّ اكتنازًا مغريًا. لها شعرٌ أشبه بالذرة قبل أن تخلع ثيابها وتُسلَق. تنغمسُ في قراءة كتاب باللغة الإنجليزية أعتقد أنه "موتُ بائعٍ متجول" الذي يحكي عن تكاليف الحياة الباهظة والعبودية المادية الفظيعة. تذكرين؟ حين أتممتِ قراءته قبل فترة قلت لي إنه جلب لك الاكتئاب لدرجة أنك وددتِ أن تعيدي كلّ الأشياء التي حصلت عليها بالتقسيط وتنتحري. أوه يا مارلي! مرت صورتك في بالي وأنا أحدّق في الصفحة المفتوحة حتّى وثب قلبي تجاه عينيك اللوزيتين وتقتُ إلى تمزيق وجهك قُبلًا محمومة مختلطة بالقهوة ودبق السكر. تعرفين، قُبلًا متسخة مشردة من طفل لا يملك أن ينظّف شفاهه أبدًا. لكنّ المرأة اللعينة قلبت الصفحة أخيرًا ولا أقول أن هذا قد أخفى صورتك لكنه جعلك تختبئين من أفكاري الشيطانية.

قلتُ في نفسي وأنا أنظر نحو أشجار الحديقة المرتّبة على نحو مقلق أنني سأستقلّ أول قطار وأذهب لألقاك. تذكرتُ أنك مسافرة الآن وربّما تشربين الشاي المثلّج مع أحد الزبائن في مقهى منمّق وتمسحين فمك بمنديل أبيض، وتتفقّدين فستانك بين اللحظة والأخرى. إنك لا تكفّين عن ممارسة الحركات الطفولية الحمقاء التي تعجب كل الرجال. لا تكلّفك الحركات شيئًا ولا تتطلب منك تعمّدًا وهذا ما يجعلها مثيرة بشدة. وإنني الآن، ولأسباب غير مفهومة أشعر بالغيرة المطلقة وأودّ أن أضربك بشدّة حتّى تبكين، ثم أغازل عينيك المائجتين بالملوحة وأضربك مجددا. وأخرج لأسكر وحيدًا وأنا أستمع إلى أغنيات كئيبة. وحين أعود أفضل أن أتكور في جسدك البحري مثل دلفين ذكي جدا وأن أتواصل معك بالغناء فقط. فوحدك تعرفين أنني نزق وأحمق ومريض.
خبّئيني يا مارلين من بؤسي. امسحي على رأسي مرتين وقبّلي بطني الفارغ ثم أطلعيني على أكثر أحلامك سخافة واضربي على قلبي حتّى ينفجر. تعالي نغتسلْ بدمائي ونضيع. سيصيرُ بياضك كرزًا ولن أجوع مرة أخرى بعد أن آكلك.

ألا ترين كيف تموج أوراق الشجرة؟ إنها تبعث بي رغبة عميقة في التأمل والرسم وتضعني على حافة العالم. فأنا حر بشكل لا يُطاق.

سأعود إلى المنزل بينما تستمر المرأة في انغماسها الواعي وتستمرين أنت بالتنقل أمامي مثل فراشة شقيّة. سآخذ حماما معتدلًا وأتلحّف بمنشفتي الصفراء التي أهديتيني إياها في عيد ميلادي الماضي دون أن تشاركيني دفئها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.