05‏/09‏/2015

أنا قلقة


 




* قلق على المصلحة العامة:
 هل مات الوطن؟ سأل مواطن صالح ونام. حين استيقظ وجد رسالة صغيرة كتب فيها "أنت المقبرة". قلب الورقة عدة مرات. بحلق فيها وابتسم غير مدرك لما يحصل.
 لقد جاء الجواب متأخرا جدا في الوقت الذي كان قد نسي فيه السؤال وقام ليقتله مرة أخرى.


* قلق على الطرق التي لم تثر بعد:
المفرق المهجور الذي تودعنا عنده لم يكن الأخير. لقد نبتت على جوانبه زهور صغيرة وصار الأطفال يلعبون على ترابه ويجمعون الدود ويتساءلون عن لونه وجماله. المفرق المهجور تعافى من بلادتنا ومن كوننا لم نقدر ما معنى أن يبتسم العالم وينحني ويمنحنا مكانا خاصا.
لقد سحب منا هذا الامتياز ونحن الآن في زاويتين ضيقتين لا نستطيع فيهما أن نتعانق ولا أن نبكي.


* قلق على شجرة تقية:
بروحي شجرة قديمة ودائمة الخضرة. كانت أفضل شيء قدمه الله إلي لكنه أخبرني أن أجلس تحت فيئها وحدي لتدوم علي النعمة.  ما يضر لو أنني أشرح له أنني توحدت فيك وأن عليه أن يسمعني قليلا وأنا أشرح له استمتاعي الشديد إذ أدعوك قائلة "تعى نئعد بالفي"؟

* قلق على تاريخ مشوه:
 
في عينيك شراسة الحرب اﻷولى وبرودة الهزيمة الأخيرة وما بينهما ضحايا ومشردون وبنية تحتية لا يعاد إعمارها. سيكتب التاريخ عن وطنك الضائع تحت دمار الحزن والخيبة. وسوف يقولون "لو أنها لم تكن شرسة" وهذا الاستفزاز لن يكفي لترفعي أهدابك قليلا  وتدافعي عن كل الجروح التي تقبلتها سماواتك برحابة. لا أحد سيفهم أمومتك فنامي بسلام.  نامي.

* قلق على أناتك المتضخمة:
عليك إذا أن تعرف وأنت تقف بيني وبيني أن هذا الوقت غير كاف لنتفاهم وأن المكان الذي تختار أن تنحشر فيه لا يتسع لك. إنك تجثم فوق أنفاسي وتسألني بكل حماقة إن كنت بخير أو لا.

* قلق من فداحة التكوين:
 
يقلقني أن الأرض تدور وأننا لا بد أن نلتقي مرة أخرى.  أظل أحسب في خيالي كم بقي من الخطوات. وكم هي المسافة التي تفصلنا. هل نسير باتجاه بعضنا أم نتدحرج؟ وهل سوف أراك في القميص  الذي تحول إلى بحر حين قبلتك في السنة الماضية؟ هل سوف تدور الأرض هذه المرة بسرعة لا تتناسب مع هدوئنا فننزلق ولا نتصافح حتى؟  
أتمنى بكل بساطة لو أن الأرض كانت مربعا. نحجز فيه زاويتنا ونقضي بها بقية عمرنا الهزيل. أنت في قميصك الأزرق وأنا في داخله.


على الهامش: "مش عاجبك لون السما؟ بمحيها، برجع برسما"
ليس لهذه الدرجة. قلنا أنني قلقة فقط! 


0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.