01‏/12‏/2015

اعترافات تحت تأثير فارينيللي





الآريا-1
عندما تشمين رائحة الشواء، أطلِّي من نافذتك، يا جارة. 
هذا دخان شهوتي المتصاعد ليلمس أرنبة أنفك الوادعة.
وأنت رائحتك تحيي الرضيع في داخلي.. الذي لا يشعر إلا بملمس ثيابك القطنية. 
وهذه هي كل إحساساته. 
فكم أنت كريمة، وستكونين. 
فلتنشري نظراتك القروية في أطراف النافذة.. 
فلتحلمي بأن آتي كل ليلة. 
وسأشوي لك حقل ذرة كلما حلمتِ. 

الآريا-2 
كنتِ واقفة تحت الشمس، أصابعك الزنبقية كانت تتمسك بذراع أبيك. 
وقبَّعة الخيزران على رأسك كانت تجعلني طائر دوري لا أكثر.
فتاةً كنتِ.. والآن أنت أم. 
وعنقك المتعرِّق في الضحى لم يتركني أكبر. 
فها أنتِ ذي كبيرة..
وها أنا ذا لم أزل طفلا جائعا. 
فما الذي حدث؟ 

الآريا-3
حبوتُ على ركبتيَّ ويدي هاتين.
وحملت لك في فمي كلمتين خطفتا الطمأنينة من وجهك.
"دعيني ألمسك".. قلتُها بشجاعة الصوفيين.. "دعيني ألمسك".
وكنت ساعتها خارجا من زنزانة جدي
الذي كان يتوضأ عندما يلمس جسد جدتي
حرص جدي على تعليمي هذا الحد بين الذكر والأنثى
ولكنني عندما لمستك، أشفقت على جدي.. وبدون أن أشعر توضأت بأنفاسك الغاضبة.

الآريا-4
وما الذي حدث؟
جاء أبوك ووجدني ألوِّن أظافر رجليك بطلاء أمي الأحمر.
صرخ: أيها الكلب.. فهربت. 
صرخ: أيها اللعين.. فلم أسمعه، لأنني كنت حينها أستلقي على سريري
وألعق أصابعي التي لمستك.
ضحك أبوك كما حكيتِ لي.. ووعدكِ بأن يحفظ هذا السر بينكما. 
الآن أن أقول لك، وأنت أمٌّ: إني أقدِّس أصابع رجليك
وإن كل الخصلات السوداء النائمة على أكتاف عذارى العالم لا تعنيني
وإن رائحة كل العطور تجعلني أتحسس وأعطس ما لم تكن من أنفاس بشرتك الزيتية.

الآريا-5
النسيم فكرة لذيذة.. ومن اللذيذ أنه يهبُّ النسيم.
فهو عندما يلامس جفاف وجهي، يخبرني بأنه جاء للتو من جسدك.
كم أن هذا رقيق.. النسيم يحرك ثيابك، فيضطرب قلبي.
تتأوَّهين من النسيم، فيضحك قلبي.
ثم قبل أن أنام هانئا كل ليلة أتحمم بالنسيم العائد منك.

الآريا-6
تتجسدين داخل جمجمتي
مثل حوائط كهف دافئ
أمزق ملابسي، ثم أحكُّ جسدي الميت في صخوره المسننة
تتدفق جروح عذبة.. أنتشي.. أسألك منديلا مسحتِ به وجهك ذات ظهيرة
ففي مناديلك عبق الحليب الدافئ
وأنا لم أزل جائعا. 

الآريا-7
سنتأرجح كفقاعتين، سيقلِّبنا النسيم طويلا، ثم سنلتصق.
وعندما نلتصق سوف تتغشَّى كل شعرة فيَّ موطن شعرة فيك.
وبعدها سيخبو هذا التنميل الثقيل
الذي ينتشر في أعصابي كقطيع من الماعز.
وما الذي سيحدث؟

الآريا-8
ننجب أولادا كأنهم الغيم.
وإن لم ننجب أولادا كأنهم الغيم، فسوف ننجب قصائد.
وسيَّان عندي الولد والقصيدة.
بل إن القصيدة ستحمل ذكرنا وتسافر بها إلى الأبد.
وإذا انفجرنا يوما لأن إصبع النسيم طعنتنا
فستبقى قصائدي وثيابك القطنية خالدة
تنبعث منها سخونة الحياة
وسنبقى دافئين، مسكننا تعاريج الأدمغة، وخفقات القلوب.


2 التعليقات:

لم اعلم ان فارينيللي يمكن ان يوحي بكل هذه الصور الجميلة.
شكرا جزيلا لك على البوح وعلى اختيارك لهذه الموسيقى الباروكية الرائعة.
بروميثيوس

فارينيللي يقدح دم الإنسان، فيجري بما لم يجر به من قبل، وهو أيضا يكشف الستر عن قمح الإبداع المخبَّأ.
شكرا بروميثيوس

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.