18‏/04‏/2015

أشكالُ الشيء الواحد




الأنا خدعة الطفل
عندما تهمس الأم في وجهه بعد وقت الجماع:
يا صغيري الهادئ،
كان أبوك مريضا، جئت من عنده.

الأنا حُرقة الظل
عندما نرفع الأيدي، لا نرانا كما نحن في الظل.

الأنا شبَقُ الضوء
سائل الضوء المنوي
بعد أن يذبل الشوق في خصيته.
بعد فقدان آماله في المضيِّ إلى شبقٍ آخر.

الأنا عطر سيدة أربعينية
لاحظت بعض البقع الداكنة، لمحتها في النهد الأيمن
شعرت بالشيخوخة، قالت:
لم يحفظ رائحتي هذا الزمن الأعور
قد حان الوقت لأتعطر.

الأنا مرض الشاعر البائع 
[قبل أن تبدأ الدوخة الأولى]
يشتهي أنه لم يكن شاعرا.

[دوخةً دوخةً]
ثم يأتي غبي يريد شراء قصيدة حب تبدأ باسم حبيبته.. 

[دوخةً دوخةً]
ثم يتفقان على خمسين ريالا للصفحة.

[دوخةً دوخةً]
يدرك الشاعر المتعرّق عِنّتهُ
يدرك المشتري أن أنثاه خائنة
هربت للتو مع البائع.
أين البائع؟

الأنا راتب التقوى
راتب اللحية
راتب الشارب المجزوز
وراتب قص الثوب
وراتب آخر فتوى.


الأنا وحشة الماء
في بحره. 
وصخور الشاطئ ترفضه
ولزوجتها تبكيه
فيغرق في نفسه.

الكتابة هكذا..



ما أضيق الصباح 
يأتي كعين قطة تضيء بعض الليلْ
هنا قشور برتقال.. هناك مسمارٌ قديم
وفي يدي ملعقةٌ.


الشمس كلها هنا
شقوقُ سقف البيت تستطيل 
جُدراننا بقية الفراغ  
وبابنا ينبت في المساء
ينضج تحت الليلْ.


17‏/04‏/2015

انطباعٌ عن اللون الأبيض





عندما لا يراني أحدْ
يخرج الفحم من رأسي
يملؤ العربات حتى أنطفئ
تَهوي عيني
فأرى ما خلف الواقع من واقع
ألِجُ الأشياء 
أذوب على الظل 
أدحرج أذني كي تسعى خلف امرأةٍ يرتاح الطريق على ظهرها فتقول: (ليس للسحب المخبوزة من حلم
ليس للوطن المسروق سحب)
وأشم روائح زيت الطبخ على ثوبها.

عندما لا يراني أحدْ
أتسلى بعَضِّ الفراغ اللامنتهي
ألوي ظُلَم الماضي حول ظلي
أكسر الأفق المُنْحني
أتوزَّع، أمحو حقيقة جوعي
أنتف العشب من صدري
أشرب الرمل 
لعلّي أشتهيه غدا ثم لا أجده

عندما لا يراني أحدْ
تتلون كل القطع المنثورة في غرفتي بالحياة
تتجسّد.. تتأنث.. تتأوه
تنتهي فيها الجمادية
ينتهي فيّ التيبُّس
أغدو مرنًا
أدخل في قارورة عطر فارغةٍ
أستلقي في دُرْج صغيرٍ
أصنع من كتب التاريخ فتاةً
أصحبها لعشاء 
آكلها، 
تأكلني، 
نغسل أيدينا بمياه العصر الأندلسي.

عندما لا يراني أحدْ
أحتسي فرصتي 
حتى يفرغ الوقت حولي
أقطف الليمون من النظرات
وآكله بحموضته
فأحس بوجهي...
أسأل طفلا متسخًا عن طموحاته، فيقولُ: 
(سأضرب أولادي
وأربي زوجتي
وأنام مع امرأة لا تلبس سروالًا للنومِ)
ويعصِرُ أنفهْ.


عندما لا يراني أحدْ
أجتثّ لساني
ألعق وجهي 
وأعيش انفصال الشخصية
أتثنّى
أتثلّث
أهوى عطري، عفني، 
وأكون مريضا فعليا بالأولفاكتوفيليا 

لي من الظل ما يكفي
أبني جسدًا لي من جسدي
جسدا لا ظل لهْ. 

- هنا نهاية أجزاء قصيدة (لي من الظل ما يكفي).  

محاولةٌ لترتيب الظل



لي من الظل ما يكفي
لي ظلال تطل من النافذة
وترى بنت الجيران تداعب ركن الكرسي ثم تنام.

لي ظلال تنام على غيمة
تسمع الأنبياء وبعض الملائكة الفارغة. يحتسون النعيم.

لي ظلال تسير على ظل عابرةٍ
تتسلق أسوار البرتقال 
وتكسرها الرائحة.

لي ظلال تطير مع الدُّوري
وتجرب كيف ترى امرأة في حوش البيت تحاول أن ترقصْ
وتجرب كيف تُصاب بوسواس الدوريِّ القهريّ
كيف يدمن أن يتسكع فوق الجدارن الصدئة
كيف يشبع من أنثى
مثلما نحن نشبع من طائر.

لي ظلال تقرأ ما أكتب
تسمع ما أكتب
كلها غير معجبة بي
فتزرّرُ آذانها، وتسمّر أعينها، وتصفّق!

لي ظلال تغني لي أغنيةً قبل النوم 
جنسيةً..
ألتقي فيها بفتاة عارية، شعر إبطيها يتسلقني.. 
فأنام.

لي ظلال حديدية 
لونها مثل لون الرماد.. 
وملامحها كملامح طعم الليمون الحامض.

لي ظلال تلاصقني
وظلال تلاحقني
وظلال تسابقني
وظلال تسايرني
وظلال تضاحكني
وظلال تلاعبني
وظلال تشاجرني
وظلال بلا عمل. 
وظلال لها عملٌ، أن تكون بلا عملٍ.
وظلال لها عملٌ، أن تظل بلا عملٍ.
وظلال لها عملٌ، أن تموت بلا عملٍ.

لي ظلال خارج الأرض
تشاهد عرض السيرك الأخير
وترى الأشياء مرتبةً
تتطاير في ماءٍ أسودْ.

لي ظلال داخل الأرض
ترى الطرقات الخاوية
في كل مكان يغلي إنسانٌ
لم يخرج بعد من القتل الأولْ
والشمس يغطيها مطر من غِربانٍ أسودْ.

لي ظلال ترتدي الزُّرقة
وتسيل بحارا 
تتعرّى فوق الشطّ
تستمني، تقذف أسماكا زرقاءَ تطير فيلقفها فم غيمة.



لي ظلال تنتظر
[يدها في فمها 
فمها في يدها] 
تنتظر
[يدها في يدها 
فمها في فمها] 
تنتظر
تنتظر..

لي من الظل ما يكفي




لي من الظل ما يكفي
كل شيء يشبهني غير ظلي
عندما فكرت طويلا:
إنني لست وحدي
فلماذا القلق؟
بَيْدَ أني أرى كل شيء غيري!
في انعكاسي في داخلي
في خيالي
في جميع المرايا
في خطوط يدي
في فراغي
في امتلائي
في مزاجي
في اشتهائي
في.. في.. في.. كل شيء.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.