14‏/10‏/2015

لا أمنحكم الحق في قتلي..




كنتُ في البداية طفلةً خائفةً أشتمُ وأنساقُ وراء كلّ هذا الضّجيج الحاصل فأمسكُ شعر رأسي وأحلفُ به وأضربُ بقدمي الأرض متأفّفةً ومستاءة.. كنتُ أيضًا أسدُّ أذنيّ إذا ما سمعتُ صوت طائرةٍ وأبدأُ بالتفكير العميق بالوضعِ الإقليميّ المستبدّ وكيف أنه يفرقعُ أصابعهُ في وجهي بشكلٍ مستفزٍ ومثيرٍ للاشمئزاز.. كنتُ أستيقظُ في الليل لأتفقّد أنفاسي وأعدّ أشيائي الثمينة وأخبّئها في مكانٍ "آمن".. ومن ثم أبدو بصورة الطّفلة التقيّة التي قامت بكلّ واجباتها وجاء دور الله في حمايتها، وكنتُ أطمئنّ لهذه الفكرة حتى أنام!
لكنني وفي صباحٍ ما استيقظتُ وقد نبت لي شعرٌ جديد غير الذي كنتُ قد خلعتهُ من جرّاء حلفاني المتكرر بأن الوضع سيتحسّن..
وكنتُ قد بدأتُ باختبار صوتي الآسر وهو يتهجّى حروف "صباح الخير".. كنتُ قد ألِفتُ_ربّما_ كلّ هذا البؤس الذي يغفو معي.
وألفتُ ألا شيء حدث لتغييره رغم تضحياتي المتكررة..

كنتُ قد تصالحتُ مع كلّ هذا الانفلات العاطفيّ الوسخ الذي لا يولّد إلا كرهًا وخوفًا وموتًا ولم يكن كلّ هذا ليجعلني مستسلمة بقدر ما قادني إلى نوعٍ آخر من المقاومة.. لقد توقّفت نهائيًا عن قراءة الأخبار والخوض في أحاديث أصبحتُ أعتبرها تافهه.. انصرفتُ نحو إخراج روحي إلى النور وتعيينها الحاكمة الوحيدة لكلّ هذه البلاد المدمّرة، فتعلّمتُ الرقص والغناء وأشبعتُ رغباتي بالفساتين الملونة وأصبحتُ أعدّ الطائرات المحلّقة فوق رأسي وأنا أتناول "معقود العنب" دون أن أفكّر ما سيحدث لو أن برميلًا منها يسقطُ على رغيف خبزي ويسلبه.. إن هذه الدقائق هي ملكي، لحياتي البسيطة التي لا تهمّ أحدًا ولا بدّ أن أعيشها كيفما شئت.. وإن تبقّى وقت سأخصصه للثرثرة في جدوى خطّةٍ اقتصادية أو جدوى أن أقيس الخطّ البياني الذي يمرّ من حزني وشقائي المعيشي نحو الأطراف التي تتفق على مصّ دمي.. سأردّ على كلّ الرسائل التي لا تحتوي على الأغنيات وأقفُ في مواجهة الموت الكلاسيكي وأنا أمدّ لهم لساني وأبحلق في عجزهم.. وربّما وضّحت لهم معنى ألا ننسى حياتنا ومعنى ألا نسلتقي على الأرض ونحن لا ننظر إلا إلى البارود.. لكنني الآن مشغولة!
مشغولة حقًا في أكل قطعة الشوكولا والتنعّم بمنظر عصفوري وهو يغرّد غير آبهٍ بكلّ هذا! 


على الهامش: الجميع مروا من هنا .. شاهدوا الحرائق المندلعة فداسوا على الرّماد وذهبوا
شكرًا لكم وتبّا على حدِ سواء!

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.