اللوحة لـ Leonid Afremov |
في صباح أقل جمالا وأكثر حزنا
اندفعت قطرة ندى على سطح ورقة
لم تتعلق بطرفها المسنن في انتظار مصوِّر بارع
بل استقرت في المنتصف
وكانت أقرب إلى الطرف في حالة غير مستقرة
في هذا الصباح
تكوين الورقة لم يكن مهيئا لاحتمال ثقل القطرة
فبدأت تتمزق ببطء
وتنسلخ من الغصن الذي يبسط في الضباب أوراقا كثيرة.
غنَّى عصفور جذَلا بعشِّه الجديد
وهب نسيم غير دافئ
وماس كل غصن أخضر ريَّان آمنا في جذعه المتين
هدأ عصفور آخر يائسا
لسبب تجهله دودة تتلحف بالتراب المبلل
والمشوب بالملح والحشرات الصغيرة
والأوراق اليابسة
ولم تدرك الغابة ألم التمزُّق
الذي يحدث بعيدا حتى عن قطرة الندى نفسها.
عندما ارتفعت الشمس
وهزت العصافير الأغصان المتيقِّظة
سقطت أوراق بالغة الجمال والصِّغر
لكنها بعيدة عن المشاهدة
ولم تكن تصارع قطرة ندى
ولولت غصون أخرى
لكن لم يسمعها أحد.
التمزُّق يؤلم الأوعية الصغيرة المتفرعة
الورقة تنذبح
وتلهث حاملةً عبئها بقلق
يضربُ الغابة نسيم يهز الأعشاش
وينعش العصافير الجديدة
لكنه لا يزيح قطرة ندى تقتل ورقة
في تلك اللحظة
ارتاح الغصن حينما رد النسيم إليه جزءا منه
لكنه لم يلبث أن فقد المزيد.
الندى شديد على الورقة
مثل كرة من الزئبق
متماسكة لا تنحل
تتحرك من المنتصف إلى الطرف ثم تعود
مُتسببة في انشداد مؤلم
لم يدركه إنسان هناك يتلذذ بسلام الطبيعة.
وفي صمت الجذع المتين ذي اللون البني الداكن
الذي يطعن الأرض بجذوره القاسية
ويمتصها
تفككت آخر صلة لهذه الورقة بالغصن
وسقطت.
كان سقوطها مدوِّيا
وفجع الورقات الأخرى التي تشاركها الحياة
لكن
من كان سيُسمع الغابة كلها هذا البكاء؟
لولا أن الورقة سقطت على رأسي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق