أردتُها بقوة إرادة الجياع، وبعناد اللقطاء. أردتها.. كيف يمكن أن يحصل بوهيميٌّ متشرَّد على برج إيفل؟
عرفت أنني أريدها عندما صارت كالشوكة في حلقي. فجأة! صار كيانها الكثيف رفيقا لألمي وعطشي وجوعي وأنفاسي.
لكنني رجل بائس، لم أكن أستطيعها على كل حال. تصوروا كيف صارت فعلا من الأفعال في حياتي اللعينة.
كانت.. إنها الآن.. وإنها دائما عراقية. حينما تخطر ببالي أنسامها لا تأتي وحدها، بل تصحب معها أنين الحلَّاج وخطوات أبي نواس المتبختر في أزقة بغداد. كنت أشبه ببشار بن برد يتسكع بين ألذ غواني الرصافة بدون أن ينال واحدة منهن إلا بلسانه.
مددتُ لساني وتذوقتها.
وكما يستطيع أي بوهيمي أن يحتضن برج إيفل ويسرقه.. يصير جزءا منه أو يجعله جزءا منه، استحضرتُ جسدها بين يدي وحملته إلى دمي.
بحثت عن أرخص الأطعمة العراقية. فتشت مطبخي. إنها لدي ما دام لدي بعض الأرز والزيت والسكر والقرفة. أدركت في أسوأ حالات اليأس والجوع أنني أستطيع لمس وجودها بلساني.. أنني أستطيع السباحة في ملوحة عرقها.
وحقا، كان مذاق حلوى (طحين الرز) يشبه مذاق جسدها لمَّا ينثني لذاكرتي.
طراوة جسدها تشبه عجين الأرز المطحون فوق فقاعات الزيت. رضابها الدافئ كالسكر المغلي مع القرفة وماء الورد.
حصلتُ عليها.
فما الذي ناله الزناة غير جهنم؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق