- يردد العالم شعار "Refugees are humans". هذا الشعار المريب ليس مفاجأة. إنه يبرز أمامنا كصدمة. يصفعنا. يسخر منا. والعجيب أن ترجمته إلى العربية أمر شاق!
بدأت أرصد ملامح هذا النوع من الخوف غير المبرر phobia عندما قررت السفر إلى تركيا قبل عدة أشهر. معظم الذين سألتهم عن السياحة صيفا في تركيا لم تطمئنهم الفكرة. قبل أعوام كانت تركيا هي المكان الأول الذي قد يفكر الخليجي بزيارته قاصدا الهدوء والجمال والتاريخ. لكنها هذا العام ارتبطت بكلمة "داعش"، هذه الكلمة التي تشبه في توسعها ودلالاتها كلمة "ميكروب".
اتفق الجميع على تحذيري من زيارة تركيا في هذه الأيام خصوصا، واختلفت مبرراتهم من حرارة الطقس، إلى غلاء الأسعار، أو وجود أماكن أخرى أنسب. لكنني صادفت عددا ليس قليلا يكثر من كلمات مثل "سوريا" أو "سوريين".
إن فوبيا "السرقة" أو "الخداع" هي ما يقلق المسافرين إلى بلد جديد لأول مرة. هذا طبيعي وضروري لأخذ الحيطة ومضاعفة التركيز. وفي كل بلدان العالم بلا استثناء معدلات سرقة مرتفعة، وجماعات لا تحصى من المهاجرين من كل مكان. لكننا في الفترة الأخيرة، نتيجة لما نسمع ونقرأ عن معاناة أهالي سوريا وهجرتهم، ألَّفنا وحشا أسطوريا هو "اللاجئ أو المهاجر السوري". هذا الإنسان الشريد غير المرحَّب به في كثير من الدول.
قال لي البعض: تجنب الذهاب إلى الأماكن القريبة من الحدود السورية (مثل أنطاكيا)، وأربكني البعض ناهيا عن بدء أية محادثات مع أشخاص سوريين يعرضون رغبتهم في تقديم خدمة من أي نوع، وادعى آخرون أن أي حديث حول الوضع الأمني في سوريا قد يعرضني للخطر بوصفي "من السعودية".
ربما سوء ثقافتي السياسية غيَّب عني بعض الحقائق التي بات الجميع يعرفها ويتحدث بها. لكنني لم أتقبل هذه الوصمة التي ارتبطت بالسوريين، سواء أكانوا سائحين، أم مهاجرين "غير شرعيين".
ولتأكيد صفاء نيتي، سافرت إلى تركيا، واخترت الإقامة ثلاثة أيام بالقرب من الحدود السورية: أنطاكيا، حربية، لواء إسكندرون، عرسوس. وكما توقعت، لم يسرقني أحد. أعترف بأنني واجهت بعض المضايقات من الأتراك، إلا أن السوريين الذين لقيتهم في اسطنبول أو الجنوب التركي لم يكونوا "مسعورين!".
في الطريق إلى عرسوس (منطقة هادئة مطلة على الأبيض المتوسط)، التقيت بأحد السوريين الذي ركب بالقرب من زوجته، وتحدثت معه طويلا إلى أن وصلنا. لا أخفيكم أنني كنت ألتفت إلى صديقي بين الوقت والآخر وأسأله بصمت عن موثوقية هذا الرجل الكريم الذي عرض علينا استضافتنا في منزله. غريزتي كانت تنفرني من الوثوق بعرض كهذا بغض النظر عن بلد صاحبه. لكن حديثنا الطويل حول جمال اللاذقية، وحلب، والذكريات، لم يعرضني لخطر الإصابة بمرض خطير.
وطيلة مدة إقامتي بالقرب من نسمات وآلام وأفراح سوريا، كانت الأفكار السخيفة التي سافرت بها تربك حركتي قليلا، إلا أنني لم أشعر بأي موقف تجنُّبي تجاه السوريين. لا الرجل الطيب في المطار الذي أعطاني بطاقة أعماله وتوسل إلي بأن أتصل به وقت الحاجة، ولا المضيف في الفندق الذي حرص على سؤالي بعد كل جولة عن انطباعاتي، ولا النادل "الحبَّاب" الذي أكرمنا، واتفق معنا على أن نعدَّ وجودنا في هذا المكان زيارة حقيقية إلى سوريا.
للجميع الحق في التوجس من أي غريب في أي مكان، لكن هذه الهتافات التي تخيف قاصدي تركيا واليونان وألمانيا والسويد من خطر وجود السوريين هي نوع من النفي النفسي لهؤلاء الباحثين عن الحياة والسلام. والأولى مساعدتهم ومؤانستهم لا بأسلوب الممتن المتفضِّل، بل بقرب الإنسان من أخيه الإنسان.
4 التعليقات:
تحيّة طيّبة لك يا صديقي.
للأسف كل شيء في العالم الآن يدعو للتوجّس وضرورة اخذ الحذر. ومع ذلك ما زلت مؤمنا بأن غالبية البشر لا يزال فيهم قدر ما من الطيبة والخيرية.
السوريون مثل غيرهم فيهم الطيّب وفيهم غير ذلك، وأخشى ان يدفعهم ما حدث لهم من معاناة ومن خذلان إلى اليأس الذي يفضي الى التطرّف والكفر بالإنسانية. أتمنى ان يعودوا الى وطنهم قريبا وان ينعموا فيه بالسلام والطمأنينة بعد ان يزول الاستبداد والإرهاب.
بورك فيك يا عزيزي. حمدا لله على سلامتك وتسلم على المواضيع الجميلة والممتعة. :)
بروميثيوس، أيها الصديق.
لقد أضأت جانبا مهما من الموضوع، فشكرا لك، وسلمك الله :)
there is this workshop at the university I study in with the same title
Refugees are humans
I did not go but the shape & nature of students promoting it is
-for me- troubling
---------
Glad u had a good time and a nice vacation
generalisations are always risky
,always!
I said that this catchword 'Refugees are humans' is difficult to be translated to Arabic!
Generalization is risky, but 'Stigmatization' is really destructive.
Thanks
إرسال تعليق