الرابعة عصرًا!
أنهيتُ غدائي الشهي الذي لم أحرقهُ اليوم، وكنتُ مُرفّهةً بما يكفي لأحصل على كأس شاي بالزّنجبيل، وعلى كلماتٍ مليئةٍ بالعاطفة إذ تلقّيتُ رسالةً تقول: "قال لي facebook أن اليوم هو عيدُ المرأة العالمي وأنت كلّ النساء، فكلّ الأيام عيدك"، ابتسمتُ بهدوءٍ وأنا أحكُّ صدغي الأيمن وكعادتي تلعثمتُ قبل أن أردَّ بشكلٍ مُقتَضبٍ مُرفَق برسمٍ تعبيري.
أتّخذُ الآن -بعد أن خفَّ الضّجيج- وضعيّة اليوغا وأفكّرُ في احتمال أن يجلس أبي بجانبي حتّى نضحكَ قليلًا، وحتّى يُعيرني سيجارتهُ أو يبدو وجهه الأثير ضبابيًّا لا يفتح طريقهُ إلا لي.
أفكّرُ أن أغنّي أغنيةً رديئةً وأن أرقص بحركاتي اللا موزونة التي تسبّبُ لي السُّكْرَ وتضحكني، أعرفُ أن أرقص كما تتحرك "عصّارة البرتقال" وبإمكاني أن أخترع تموّجاتٍ تليقُ بأغنية "ياريت" الفيروزيّة.
لقد كنتُ أُحيي حفلاتٍ لا بأس بها في المدرسة حين كنّا نُهرِّبُ الكعك المليء "بكريما الفانيليا"ونشربُ كؤوسًا كثيرةً من "الكوكا كولا"، كانت صديقاتي بعد ذلك ينتخبن خصري سفيرًا للنوايا المراهِقة المجنونة.
كنا مجموعة من الفوضويّات اللواتي أخذن الحياة كما يُؤخَذُ الأطفال، ووضعن لها صندوقًا لتكتبَ مشاكلها ولم نكن نجدُ حلًّا أفضل من الرّقص
نرقصُ حين نجوع
حين توبّخنا المعلمة
حين يسألنا أستاذ الفلسفة حسين عن "إصبع الأنا"
حين يقولُ لنا بائع الخبز "يبعتلكن حمى"
حين نلعبُ "ثلج وحرارة"
وحين نرسبُ في مادّة الرياضيات لأنّ الآنسة ظلّت تدور حول الخطّ المستقيم دون أن تجعلنا نحدّثه مباشرة أو نضع عليه نقطه
نرقصُ حين نعرفُ أنّ لصديقتنا عاشقًا حقيقيًّا كتب لها رسالة وحشاها بالورد وعطّرها
وحين نستعيرُ الكتب بناءً على عناوينها ثمّ نُحكِمُ حلقةً ضيّقةً ونتناقشُ في أقصى تعابيرها بذاءة!
نرقصُ حين تسألنا المدرّبةُ عن أحذيتنا السوداء، وتغسلُ وجه فتاةٍ بالماء البارد لأنها وضعت القليل من الكحل
نرقصُ حين نهربُ من حصص اللغة الإنكليزية فنختبئُ في غرفةٍ مهجورةٍ ونقرأُ الأبراج ونتساءل "ماذا يعني المضارعُ البسيط؟"
فنقفزُ إحدانا وتقول "هو الآن الذي سيبقى حقيقة إلى الأبد"
على الهامش: مازلنا فوضويات
2 التعليقات:
أحس أني أنا داخل عصارة برتقال الآن :)
قفزات ولمحات يومية (+ من الذاكرة) جميلة.
الفوضى صنو الاتزان. لا نفهم كنه الأشياء إلا بمعايشة ضدها
مساء سعيدًا
لا يمكن أن نحكي عن الرقص من دون تمجيد الفوضى فالمتزنون لا يرقصون إنهم فقط يخافون السقوط ويحسبون له حسابًا..
شكرًا لك ,
إرسال تعليق