منتصفُ النهار، الثالث عشر من آذار/ يومَ تفتَّحتْ زهرةُ الخوخِ على جبيني ولم تذبلْ!
سخِرَ الجميعُ منّي، وقالوا إنّني مُضحِكَة بينما قال والدي وهو يطفِئُ سيجارتهُ في حوضِ الحديقة "هذا دليلُ الذّكاء، ثقي بي!"، وأشعلَ سيجارةً أخرى، ولأنّني وثقتُ بهِ حقّقتُ النّجاةَ بطريقةٍ ما، وبدَلَ أن أقطعَ الغصنَ الصّغيرَ الذي منحني إيّاهُ إلهُ الرّبيع، ربّيتهُ حتّى صار شجرةً وكنتُ أستظلُّ بفيءِ رأسي طويلًا حين كان الحرُّ يداهِمُ الآخرين، وأخطّطُ لنزهةٍ في بريّةِ أفكاري عندما كانوا يجدونَ الوطنَ المغلقَ المليءَ بالتّحفِ والشّعارات هو المكان الأفضل.
إنّهُ الثالث عشر من آذار يا "جماعة"، حيثُ قرّرَ المطرُ أن يصيرَ قويًّا، ويجمّدَ دموعهُ ويُصلّبَها مُستَجيبًا لنداء طفلٍ يقول "أريدُ أن أذهبَ إلى الحقل وألعبَ بالشّمس"، فيتكوّرُ النّور ويغنّي، تستجيبُ لهُ خطوات النّاسْ، وتتعجّلُ فتاةٌ إلى لقاء حبيبها عند مدخلِ العمارةِ التّاسعة حتّى تعطيهِ قطعةً من الكعكِ الذي خبزتهُ بالأمس، وحتّى تقولَ لهُ "ربيعٌ سعيد" دون أن يتصافحا، ودون أن يدنو منها.
إنّهُ الثالث عشر من آذار
حتّى الرجل المتزمّت الذي نَهَرَ الفتياتِ عن لعبِ كرةِ المضربِ في الشّارع بدا صامتًا في حالةِ موتٍ واستسلام، ولم يستطِعْ أن يُوقِفَ صرخات تحمّسهنَّ وتعليقاتهنّ المرِحة، وشتيمة إحداهنّ اللذيذة التي تلخّصُ حفنةً كبيرةً من الغضب، لن يقولَ لهنّ "سيغضبُ الله، أنتنّ مائعاتٌ وبلا تربية" لأنّ بائعًا جوّالًا سيأخذُ صوتهُ وهو ينادي "توت شامي"، فتصطبغُ الدّنيا باللون القاني الشهي وتبدأ لعبةُ الألسنة الأشد احمرارًا.
على الهامش: قررتُ أن أصنعَ صورتي بنفسي!
4 التعليقات:
الألسنة الأشد احمرارا هي الفائزة
:)
لا أدري بماذا أعلق يا رمزي. كلامك جميل. بساطته تفضي لعمق وخصوصيته مطواعة لتفسير شخصي لدى القارئ، أي قارئ.
أشكرك
هيثم صديقي الجميل
هذه التفاصيل لكاتبتها Nour Al_Huda التي تدون في قسم كتابات جبلية.
وطبعا ليست "البساطة" سمة ملازمة لكتاباتي ههه
*يحس بالخجل وببعض الغباء*
لا يا هيثم
يحق لك أن تسأل بطريقتك :)
ونحن نرحب بك دائما
إرسال تعليق