20‏/07‏/2015

من الذي أدخل يده في جيبي؟ (7)





هل من المنطقي أن تحل سيجارة مكان قبلة؟
في علم النفس، نعم. وكذلك في الفيزياء!
إن علم النفس لا يعترف بما هو منطقي أو غير منطقي، إنه يتعامل مع سوابق الأمور ودوافعها ومن ثم يحكم. وتقريبًا، كل الأشياء منطقية في نظر علماء النفس. وإن أحببت أن ترى هذا فما عليك إلا أن تكون عالم نفس. هذه دعابة..
في علم النفس التحليلي الفرويدي، هناك خمس مراحل لعملية التطور الجنسي لدى الطفل حتى الوصول إلى مرحلة البلوغ النهائية (أو التناسلية). هذه المراحل مهمة جدا في نظر علماء النفس التحليليين الفرويديين وهم يعولون عليها في فهم تظاهرات المرضى الجنسية وعُصاباتهم (أمراضهم). منذ الولادة حتى السنة الأولى لدينا المرحلة الفمويةOral stage وفيها يعتمد الطفل في سبيل تحقيق النشوة والسعادة على فمه كمصدر وحيد للراحة النفسية. ويعوِّلُ على التمصمُص كطريقة مفضلة لنيل قسط من المتعة قبل الانكفاء على السرير والنوم. المرحلة الفموية في حياتنا حساسة جدا وقابلة لأن تكون سببا لانحرافنا الجنسي والسلوكي المجتمعي في وقت لاحق. إذن، فالفطام المبكر Weaning حرمان الطفل من إشباع فموي في بداياته قد ينتج لنا شخصية نكوصية Regression فيما بعد!
إذا سلَّمنا بوجود دوافع جنسية عند الأطفال، وأنها تمر على مراحل كما يقول سيغموند فرويد، فإنه لا مفر من التسليم أيضا بأن أي خلل في هذه المراحل سيؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على سلوكنا وحياتنا الاجتماعية لاحقًا.
ومن هنا فإن سيجارةً واحدة قد تعوض حسن عن ليلةٍ رفضت أمه فيها أن تناوله ثديها وتدفئ فمه. ومن هنا أيضًا سأنادي بأعلى صوتي كل الأمهات الفاضلات وأقول لهن "الرجاء، أرضعي طفلك جيدا إن أحببت ألا يدمن التدخين عندما يكبر!". إنني أعترف بأنني أبالغ، ولكنني أعتقد أنني لا أعبث. وإن الدراسات الكثيرة التي أُجريت على المدخِّنين ومدمني الكحول كلها كانت تخرج باعتراف المدمنين أنفسهم بأنهم لم يحظوا بفترة رضاعة كافية. (بحاجة إلى بحث).
والمرحلة الثانية التي تمتد من السنة الأولى إلى الثالثة هي المرحلة الشرجية Anal stage، تليها المرحلة القضيبية Phallic stage من الثالثة إلى الخامسة ثم المرحلة الكمونية Latency stage من الخامسة إلى البلوغ وبعدها يقضي البالغ بقية حياته في المرحلة التناسلية Genital stage. والحقيقة أنني مهتم جدا بهذه المراحل الخمس وأود الإسهاب حولها ولكنني لا ألتمس حاجة كبيرة إليها في دراستنا هذه. وسأعرض لها في ثنايا السطور الآتية بإذن الله.
ماذا عن الفيزياء؟
هذا سؤال ثقيل نوعا ما في منتصف دراسة نفسية. ولكن إن استطعت قراءة كتاب (نظرية الفوضى – علم اللامتوقَّع) لجيمس غليك، ترجمة أحمد مغربي. فستجد أن الأشياء الدقيقة الهينة الحقيرة قد تتسبب في أشياء عظيمة ومهمة جدا. كما أدعوك إلى القراءة حول نظريتي "الشُّواش Chaos" و "تأثير الفراشة The Butterfly Effect" لتعلم كيف أن ذبذبة جناح فراشة في الهند قد تسبب إعصارًا في أمريكا!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.