21‏/07‏/2015

إلى الله، مع أحمد رامي






هذا الشاعر يقبض أنفاسي ويرسلها كلما قرأت له أو خشعت إلى أغنية من كلماته. أن تسمع "جددت حبك ليه" وتعلم بقصتها هذا يعني أن تحب هذا الشاعر حبا جما. ربما لأنك ستشعر به وتلمسه. عندما يقول "انت النعيم والهنا.. وانت العذاب والضنى.. والعمر أيه غير دول؟" يستحث أسئلتك، تأملاتك.. ستقترب منه، وتتساءل معه كما لو كان رجلا تتعرف عليه صدفة في طائرة، أو في معرض كتاب.
أستطيع أن أصف أحمد رامي بأوصاف كثيرة وأنا لست متيقِّنا منها. ولكنني أستطيع الجزم بأنه كان متواضعًا جدا، وبسيطا. أستشفُّ هذا من قصائده، من قصائده ليس غير. والذين عاشوا مع كلمات هذا الشاعر، يعرفون تماما سرَّ تلبُّكي وأنا أكتب عنه.. كأنما أحاول رسم مدينة كبيرة في الهواء الطلق.
اعتدتُ أن أنتقي المقاطع الأرق من كلماته، وأتحدث بها إلى الله. عرضتُ الفكرة على غير واحدٍ من أصدقائي ولكنهم أبدوا رغبةً قليلة في توجيه كلمات كُتبت للغرام والشوق وتبريح الحنين إلى جلالة الله. ولكنني أدمنتُ هذه العادة ولم أفارقها.
اقرأ هذه الكلمات بتجرُّد "ما بين نعيمي وأنس الروح ساعة رضاك..
وبين عذابي و طول النوح أيام جفاك". وحاول أن تتصور أنك تناجي الله وأنت في حالة من التجلّي والنور. ستكتشف حتما أن الشاعر ضمَّ بين جنبيه روحا صوفيَّة ناعمة، ولينة. لقد اقتبستها من قصيدة "سهران لوحدي" التي لحَّنها السنباطي لأم كلثوم، ولتتوقَّع الكثير من هذا اللقاء وهذه السماوات.
وأنت تستمع إلى أم كلثوم تردد "و لقيتني طايل من الدنيا كل اللي أهواه
بس اللي كان فاضل ليّ أسعد بلقاه..
لما خطر ده على فكري حيّر أمري
و القرب سبّب تعذيبي!" ستعلم سر الإلهام الذي حرك أصابع القصبجي لتنجز لحنا بفخامة "رق الحبيب" في قرابة أربع ساعات. ويستمر أحمد رامي في خطاب محبوبته التي رقَّت أخيرا وواعدته، ونلمس نحن لذة رهيبة في القرب، ونعانق جمال الرب الجميل في كل شيء تقع عليه أعيننا ساعتها.
ليس سيئا أن يقرأ أحدنا ما يريد، وينصت إلى ما يريد.. كما أنه ليس جميلا أن يقرأ دائما ويسمع ما يُراد له. في أغنيةٍ كـ "عودت عيني على رؤياك"، حيث يغازل الشاعر أنثاه التي لا يطيق الصبر عنها للحظة، ستعثر على خشوعك المفضَّل وأنت تستمع إلى "أبات على نجواك، واصبح على ذكراك
واسرح وفكري معاك..
لكن غالبني الشوق في هواك
وإن مر يوم من غير رؤياك ما ينحسبش من عمري".
وفي الشعر الكثير من التقلبات التي قد تناسب كل مقام ومقال. تحتاج فقط إلى التفتيش عن الوَلَه الذي ترتاح في تعبِه، وتصلي على سُجَّادته حتى اللقاء.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.