20‏/07‏/2015

من الذي أدخل يده في جيبي؟ (4)





ألعابٌ يلعبها الناس
“Games People Play” هو كتاب رائع للطبيب النفسي الكندي إيريك بيرن. أورد فيه الكثير من الألعاب (الحيل) التي يلعبها الناس مع بعضهم. وغالبا ما تكون ألعابا مقصودة وأحيانا تكون غير مقصودة، وهي -للأسف- غير مفهومة لدى الكثيرين منا؛ ذلك لأنها ربما تكون ذكية، أو ربما لأننا قد نكون أغبياء!
من ضمن هذه الألعاب لعبة يلعبها المُدمن.. المدمن يلعب؟؟ نعم إنه لاعب محترف، كما أن الإدمان لعبة صعبة.
المدمن قد يقول لك "لن أقلع عن التدخين" وهو يقصد "لو سمحت، أريدُ منك أن تهتم بي أكثر!". أو قد يصيح في وجهك "أنا أعلم ما الذي أفعله" وهو يقصد "أنا حائر، هل بإمكانك مساعدتي".
وهذه كلها تحويلات يقوم بها عقل المدمن الباطن، حتى يسمح لها بالمرور عبر نقطة تفتيش الوعي.
(بإمكانك أن تشبه الوعي واللاوعي بمدينة. على بوابتها يقف حرس المدينة ليمنعوا دخول أية مواد ضارة إليها. واللاوعي المنبوذ من هذه المدينة قد يلبس عباءة مثلًا حتى يُسمح له بالدخول، أو قد يرتدي ملابس عسكرية أو ثيابا محترمة ليلج ويمارس أفكاره المنبوذة أيضا.. وهنا يملك اللاوعي قوًى خارقة في تدليس حاجاته والتعريض بها. منها: التحويل (الفبركة) ومنها التكثيف والإخراج المسرحي. وهذه القوى الثلاث أمثلة من القوى اللاواعية الكثيرة التي تصوغ حاجاتنا الكثيرة في جمل قد تبدو لنا غير مفهومة).
ونقطة تفتيش الوعي حين تكون صارمة ومتشددة قد تزيد معدل الكبت في اللاوعي، لينفجر في النهاية بكل صراحة ويقول للجميع "ها أنذا.. من يستطيع منعي؟" لكنه أيضًا يقصد "إنكم كذابون، لا أحد منكم يصدق في حبه لي".
ومن الجدير بنا أن نتعلم كيف نحب حبا غير مشروط، وإنني آسفٌ جدا على أن معظمنا لا يعرف هذا الحب. فالوالدُ مثلا، قد يتبرأ من ولده فجأة بعد إخفاقه في مادة دراسية، أو تضييعه لصلاة. وهذا إن أوحى إلى الوالد بأنه حرصٌ منه وخوفٌ على ولده. إلا أن الولد (الطفل) لا يعي هذا، ويدرك أن والده منافق في حبه له، وأنه لا يهتم به لأنه الابن، بل لأنه ذلك الطالب المتفوق في دراسته. وهذه أنانية يمارسها آباء كثيرون في حقوق أبنائهم. الأمر الذي يضطر الابن إلى كره والده ورفضه عندما يتبين له أنه يحبه لسبب غير بنوَّته له ويريد دائما أن يفاخر به زملاءه؛ كأنه سلعة!
قد يكون صحيحا اعتبار السجائر هي أول خطوة صادقة للبحث عن الذات الضائعة في حياة حسن. تلك التي لم ينجح في تحقيقها في البيت أو المسجد أو المدرسة. إذن، فالشارع كان يمثل سبيلا وحيدة للعثور على حسن الواثق من نفسه والمسؤول عنها والملفت للانتباه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.