20‏/07‏/2015

من الذي أدخل يده في جيبي؟ (9)





اللاشعور عند حسن
سر خطورة اللاشعور أو الجزء غير الواعي منا هو أنه متستِّرٌ بشهادة امتياز. إنه دائما يحتال ويزوِّر ويستعمل أساليب التوائية ومعقدة لا ندركها إلا إن كنا كلنا علماء نفس، أو مجانين. وإذا كانت هذه صفات اللاوعي فينا فلن نجد غرابةً في أن نحلمَ بأننا تلقَّينا صفعةً من حبيبٍ لنا إذا كنا قبل أيامٍ حظينا بقبلةٍ منه!
ولكنه مهم من الناحية الأخرى ويشكل جزءا كبيرا من إدراكاتنا اللاواعية: قيادة السيارة مثلا، لو أننا نخطط لها كل صباح كما خططنا لها أول مرةٍ سنفطر متأخرين جدا.. وربما لا نفطر. وهذا مثال مقتضب على الأمثلة الجزيلة التي يتفضل فيها اللاوعي علينا بأفضاله. إنه يشبه زوجةً سيئة على كل حال.
كما ذكرنا، المدمن قد يقول "اتركني وشأني" وهو يقصد "ساعدني أرجوك" لكنه يتشبث بفرصته الأخيرة من الاهتمام والسعادة الكاذبة.
إن الكبت الذي هو اللحمة التي يفرمها اللاشعور إلى قطع صغيرة غامضة، يلعب دورا أساسيا في السيطرة على سلوك المدمن وعزوفه.
عملية تصعيد الرغبات (التصعيد هو تحويلُ الشيء عن موضوعه في النفس البشرية. الرغبة الجنسية مثلا قد تُحوَّل بقوة التصعيد إلى فنٍّ من الفنون؛ الرسم على سبيل المثال. ولا نشكُّ حين نتأمل لوحةً من لوحات بول ديلفو أنها تصعيدٌ فني رائع لرغبة مُلحَّة). أو ارتجاعها (الارتجاع هو الخضوع لقُوى النفس الغريزية كالحياء والقَرَف والأخلاق) تقل يوما بعد يوم في حياة حسن. حتى أنه لا يرتجع عن مواصلة عمله وتلبية أول نداء للرغبة التي ترزح تحت وطأة كبتٍ شديد.
يتمثل هذا الكبت في حياته في الحاجة إلى حب، والرغبة الجنسية، والمطالبة باهتمام.
ثم يُترجم، للأسف، بتعقيدٍ كبير إلى أفعال لا تبدو لنا جلية وسهلة التفسير من أول مرة. وهذا ما سأفصله في الأجزاء القادمة إن شاء الله.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.