20‏/07‏/2015

من الذي أدخل يده في جيبي؟ (2)



(ما المقصود بالـ "جيب")؟
الجيبُ هو الحياة الشخصية. هو الذي نغضب ونستاء حين يدخل الآخرون أيديهم فيه بدون استئذان.
قد نمر بمصطلحات علمية يصعب فهمها، ولكنني سأبذل جهدي في تفسيرها؛ كلٌّ في موضعه. وسأفسرها مرة واحدة، بحيث يمكنكم الرجوع إليها كل مرة عندما تمرون بها لاحقا.
في السنوات المبكرة من حياة حسن، كان يلازم والده أكثر من أي فردٍ في عائلتهم الصغيرة. ولأن والده كان مدمنا (الإدمان هنا يحتمل أكل القات، التدخين، المخدرات...) فقد كان كثيرا ما يمارس إدمانه أمامه. وبديهي أن يكون حسن ألِفَ رائحة السجائر في ثياب والده، الأمر الذي زرع في عقله الباطن (العقل الباطن أو Unconsciousness هو الجزء من النفس الإنسانية الذي يختبئ بداخلها ولا يظهر إلا على فترات مختلفة من الحياة اليومية: في الأحلام، أثناء جلسات التنويم الإيحائي، في سقطات الكلام، النسيان، حالات الديجا فو "حالة يعتقد فيها الشخص أنه عاش اللحظة من قبل" إلى آخر هذه التماثلات اللاواعية التي قد لا نهتم بها البتة، ويقابل العقل الباطن العقلُ الظاهر أو الوعيُ consciousness) احتراما وهيبة لها، كانت انعكاسا لاحترام والده وهيبته.
لم يُبد حسن كثيرا من الاهتمام بالموضوعات الجنسية منذ طفولته، كان يتحرج منها أحيانا ويظهر انزعاجه من سماعها. وهذه إشارة ملفتة لإعادة النظر في حال الأطفال الوادعين وشديدي الحياء وقليلي النشاط، إذ قد تنطوي هذه الوداعة المفرطة على ثغرات في الشخصية ستظهر بالقوة عند البلوغ، كما يجدر بنا أن نحسن التعامل مع أسئلتهم التي قد تبدو نابية أو منحرفة في نظرنا؛ لأن إجابة خاطئة قد تحرفهم عن السلوك السوي فيما بعد.
حسن (الطفل) هادئٌ قليلا، منفعل أحيانا، عنيد، ودود، أشبه ما يكون بأبيه الذي يبادله الحب الجمَّ دائما.
وعندما ينتقل أي واحد منا إلى مرحلة تالية من حياته (الدراسية) يلتقي بعقول جديدة، وأميال متنوعة وطرق مختلفة للعيش. حسن التقى بمن نلتقي بهم نحن بالضرورة. أصدقاء صالحين، وآخرين فاسدين، وبدا في اضطراب بين الفريقين، ثم قرر في النهاية أن يماشي الأغلبية الفاسدة. ربما لأن الأقلية الصالحة كانوا يتصفون بالتبلُّد ونقصان الحرية، وهذا ما لا يعجب حسن على كل حال.
بلا شك، بين كل ثلاثة أصدقاء واحدٌ يخفي قناعات مغايرة لقناعات صديقيه، وهذا هو الصديق الذي احترمه حسن وأحبه، بدافع حبه واحترامه لوالده. ألا يبدو هذا منطقيا؟
ولكن حسن كان لا يزال أليفا ومؤدبا حينها.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.