21‏/07‏/2015

رواية مايا (أسئلة لذيذة)






جوستين غاردر هو كاتب نرويجي، أستاذ فلسفة، وأديب من طراز ناجح. له روايات على مستوى عالمي من الشهرة المستحقة: عالم صوفي، فتاة البرتقال وسر الصبر.
لكن روايته (مــايــا) لها تساؤلاتها الخاصة ووقعها المنفرد في نفس القارئ. في الروايات الثلاث -وفي عالم صوفي بالذات- تجد أنه يلقِّنك درسا في الفلسفة، في النضج التفكيري، والجموح بعيدا عن الأحكام المتسرعة. لكن (مايا) تأخذك إلى أعمق من هذا، إنها وجبة دسمة جدا وتحتاج إلى حضورٍ مضاعف من قارئها، ومعرفة مبتدئة على الأقل بعلوم مهمة كالأحياء التطوُّرية ونظريات أساسية كالانفجار الكبير.
هذا بالإضافة إلى المتابعة الدقيقة للأحداث، فالكاتب بسيطٌ في كل شيء إلا في طريقة عرضه لمادته القصصية والعلمية. إنه يدخلك في قصة ثم في قصة أخرى ثم في قصص أخرى متشعبة مليئة بالأقزام والمشروبات الغامضة وورق اللعب، إلى أن تضح لك الخطوط الأساسية في آخر الصفحات. وهذا ممتع لمن لا يحب العرض التسلسلي الخطِّي.
أثناء قراءتي الرواية، التقيت بجمل مثيرة، جعلتُ أكررها وأقلبها في ذهني. وعلى سبيل إغرائكم بقراءتها، سأقتبس لكم بعض القصاصات التي قد تبدو غامضة بدون العودة إلى الكتاب.
- «أعطني أي كوكب حي آخر، وأنا على يقين تام بأنه سيخلق، عاجلا أو آجلا، ما نسميه الوعي»
- «... وأيضا بعض الزواحف بما فيها تلك التي ستصبح أسلافا لنوعنا نحن. لو كنا موجودين في ذلك الوسط لاعتبرنا بكل تأكيد أن ما نشهده شيء خارج على كل منطق. الآن فقط، وبنظرة منا إلى الوراء، يظهر معنى كل ذلك»
- «ولكن دعونا نعد أكثر إلى الوراء. فلنفترض أننا شهدنا خلق النظام الشمسي ذاته. أما كنا سنشعر ببعض الضيق عند مشاهدة ذلك الاستعراض الوحشي لقوة الطبيعة؟ من المؤكد أن معظمنا كان سيشعر أن الوصف الوحيد المناسب لما نراه هو أنه خالٍ من المعنى. أعتقد أن رد الفعل هذا فجٌّ وسابق لأوانه»
- «لا يمكن للسبب أن ينتمي إلى المستقبل إطلاقا!»
- «يخامرني شكٌّ عميق في تملك الشمبانزيات الأرقى لأدنى فكرة عن الانفجار الكبير، عن عدد السنوات الضوئية التي تفصلنا عن أقرب مجرة، أو حتى عما إذا كان العالم مستديرا»
- «لو كان الدماغ الإنساني أكبر بأي قدر مما هو الآن لما استطاعت النساء المشي بقامة منتصبة»
- «نظن أننا تسع أرواح حول الطاولة، ومصدر هذا الظن هو مايا. في الواقع نحن جميعا مظاهر روح واحدة، الروح ذاتها. إنما [وهم المايا] هو ما يجعلنا نظن الآخرين مختلفين عنا. لذلك إذن لا مبرر للخوف من الموت. لا شيء يموت. الشيء الوحيد الذي يتلاشى حين نموت هو طيف وجودنا المنفصل عن الدنيا وما فيها؛ تماما كما نتوهم أن أحلامنا منفصلة عن أرواحنا»


0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.