20‏/07‏/2015

من الذي أدخل يده في جيبي؟ (5)





ماذا يوجد في جيب حسن؟
في محاولة للهروب من المدرسة ذلك العام لأول مرة في حياة حسن. سقط من علٍ وتضرر. هل كان يقصد الهروب وحده؟ كلا. إنما كان يستغيث "يا ناس.. أعيروني اهتماما". وهاهي معضلة الهروب من المدرسة تجد حلا مناسبا لها وهو تزويد جرعة الاهتمام بالطلاب الكُسالى في نظرنا (في الحقيقة لا يوجد طلاب كسالى.. يوجد معلم أحمق) وعدم محاباة الطلاب المتفوقين وتنزيههم أمامهم. فهذا يولد حقدا دفينا يجبرهم على رمي كتبهم وتسلق أول جدار يوصلهم إلى الشارع.. هذه البيئة النظيفة الطيبة بالنسبة إليهم. وهي ربما كذلك.
حينما نُقابل بالرفض، سنسلك حتما طرقا أخرى نثبت من خلالها أهميتنا. وحسن الذكي لا يخفى عليه هذا. إذ لم يُعاود الهروب مرة أخرى! ولكنه سلك طريقا آخر.
هنا تسلسل قد أدركه الكثيرون منكم بلا شك. لدينا الآن أسلوبان يحاول عن طريقهما حسن أن يتأكد من حضوره وجدارته بالتقدير. لقد سرق لمدة أسابيع ثم حين لم يحصل على ما أراد، هرب من المدرسة، ولم يحصل على ما يريد مرة أخرى.
- "أوف، ما هذا المجتمع الغبي؟" يقول حسن في نفسه. ثم يواصل: "سأتمرد عليهم هؤلاء المنافقين الذين يدعون الصلاح". ويشعل سيجارة اقترضها من زميله!
من حق حسن أن يتصرف بهذه الطريقة.. من حقه. إنه يرى مجتمعا يدَّعي الصلاح، ولكنه أناني. كل فردٍ فيه يحتفظ بزاويته من المسجد وكرسيه من الفصل وفراشه من البيت، كل واحد من هذا المجتمع ليس لديه وقت للحديث مع أمثال حسن، وليس مستعدا لمشاركته الجنة التي يسعى إليها. مما يوحي إلى حسن بالتمرد أكثر، وعدم الاكتراث بطقوس هذا المجتمع: الصلاة، الصيام، الذهاب إلى المدرسة. وإلا كيف سيكون استثنائيا إن لم يمش في طريق مختلف؟ كيف سيستطيع حسن التواؤم مع مجتمعٍ لا يجيد سوى الحب المشروط؟
هذه ليست النهاية، إن حسن لا يزال يبحث عن أساليب أخرى يتغلب بها على الجميع.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.