كلُّهم يحسدونك
كلُّهم يحسدونك أيها المسكين، أنت لا تنام لأن أنفاس الحاسدين تقضُّ مضجعك. جسدُك يتآكل.. نارُهم تحرقك.
كلُّهم يحسدونك أيها المسكين، أنت لا تنام لأن أنفاس الحاسدين تقضُّ مضجعك. جسدُك يتآكل.. نارُهم تحرقك.
ولكنك أنت الذي يدَّعي هذا. هذا ردٌّ مُسبق على علامة استفهام أتصور أنها ستتشكل أمامك. هل أنت بخير؟ قل لي كم مرة أحسست بأنك محسود. وأن هناك نفوسا شريرة لا تنام عن تعذيبك؟ هل تملك القناعة الكافية لتفسير كل حادث غريب بأنه نتيجة حسد؟ هل تلجأ إلى شيخ الحي عندما تجد أنك لم تعد طبيعيا أم إلى الطبيب؟ أيهما أعلم: الشيخ أم الطبيب؟ إن الشيخ قد يقترح عليك رؤية الطبيب ولكن الطبيب لن يفعل.
كلنا سمعنا، وما زلنا، عن أرواح شريرة تتقمص الإنسان وتغير مجرى حياته، وسمعنا عن أقارب وأصدقاء انتكسوا فجأة وتعطلت حركتهم في الحياة، وقيل أن سبب انتكاسهم هو أنهم محسودون، معيونون (مصابون بالعين)، أو ممسوسون. في الواقع، السبب الأول في كل هذه الحالات هو أنهم متهيئون لها. فطالما بالك مشغول بإحدى هذه الحالات أو بأية حالة أخرى (مرضية أو صحية) ستكون أكثر عُرضة لها. ما الذي يفعله الناصح الجيِّد يا ترى؟ إنه لا يزيد عن الاستماع إليك؛ ليعطيك فرصة البحث في مشكلتك بنفسك. فليس هناك أعلم منك بك. ومن ثم فإن هذا لا ينفي حصول الحسد -مثلا-من دون أن تفكر فيه، وفي رأيي، من أهم فوائد التوكُّل (على الله) أنه يمنحنا القوة النفسية ويشغل بالنا بالأفكار الأخيَر والأصلح لنا.
متى نظنُّ أننا محسودون؟
لو تركت لك وقتا لتجيب. ما ستكون إجابتك؟ كالجميع أنت، ترى أن ذوي النعمة والفضل والمكانة هم المحسودون. من ذا الذي سيحسد مسكينا ينام في الشارع؟ (ربما يحدث هذا عندما يكون هذا المسكين أسعد منا). ولكن الاعتقاد السائد لدى الإنسان هو أن الآخرين سيحسدونه ما دام متميزا عنهم بأي ميزة. وأنت؟ هل تشعر بأن في حياتك قيمة ما تستحق الحسد؟ كلنا نملك تلك القيمة. ولكن هناك ملاحظة جديرة باهتمامك، كثيرون من فاقدي السعادة لا يشعرون بأنهم محسودون. لأن شعورهم بهذا الفقد الباهظ يلغي شعورهم بأية ميزة يتميزون بها. وهذا مقبول. ولكن تفسيرك لحسد الآخرين يعنيني. هل لأنك ذا نعمة أم لأنهم شريرون؟ وهنا سأنتظرك طويلا لتجيب.
لو تركت لك وقتا لتجيب. ما ستكون إجابتك؟ كالجميع أنت، ترى أن ذوي النعمة والفضل والمكانة هم المحسودون. من ذا الذي سيحسد مسكينا ينام في الشارع؟ (ربما يحدث هذا عندما يكون هذا المسكين أسعد منا). ولكن الاعتقاد السائد لدى الإنسان هو أن الآخرين سيحسدونه ما دام متميزا عنهم بأي ميزة. وأنت؟ هل تشعر بأن في حياتك قيمة ما تستحق الحسد؟ كلنا نملك تلك القيمة. ولكن هناك ملاحظة جديرة باهتمامك، كثيرون من فاقدي السعادة لا يشعرون بأنهم محسودون. لأن شعورهم بهذا الفقد الباهظ يلغي شعورهم بأية ميزة يتميزون بها. وهذا مقبول. ولكن تفسيرك لحسد الآخرين يعنيني. هل لأنك ذا نعمة أم لأنهم شريرون؟ وهنا سأنتظرك طويلا لتجيب.
قد نظن بالناس سوءا. وكلنا سمعنا أن الإنسان من طبعه الحسد. ولكن هذا قول غير عادل. فالإنسان كائن يفكر ويشعر وينتقد. ويحدث أن يشعر بما نسميه الحسد. إذن الحسد شعور ليس أكثر. وكونه شعورا كفيل بأن يسهل تعاملنا معه. ولكن اعتقاد أن الناس شريرون ليس اعتقادا منطقيا. لأنهم لو كانوا كذلك لما وصلنا إلى القرن الواحد والعشرين. أقصد الإنسانيين، لا منزوعي الإنسانية. فهل تعتقد بأن الناس شريرون، منافقون، لا يستحقون، غير جديرين بالحب؟
سأبني بقية الحديث على أنك أجبت بنعم. لأن إجابتك بلا ستريحك من المزيد من القراءة، ولكن لا تنس أن موعدنا في الموضوع القادم "أنت خائف"، يبدو موضوعا شيقا؟
ثمة، في علم النفس، ظاهرة تدعى، صورة المرآة*. هذه الظاهرة يفتقر إليها المصابون بالتوحد** والاكتئاب وحالات مرضية كثيرة. تفسيرها: أن هناك، في مراكزنا العصبية (المخ) مناطق تنشط عندما نرى الآخرين يضحكون، يبكون، يعبرون عن مشاعرهم المختلفة. ولا أحد منا خرج من البيت ذات يوم عابسا، ثم التقى بشخص كثير الابتسام، ثم لم يبتسم. يصعب التغلب على هذه الصور المنعكسة! ولكن الاستثناءات التي عرضتها للتو، ومنها الحالة التي نحن بصددها، تعاني من تشوّش في هذه الصور. وهناك أسباب لهذا التشوش، منها أنهم يعانون أيضا من بعض الصعوبات في تقدير وجهة نظر الآخر. فالتعميم الذي يتخذه المكتئب مبدأ له، أن كل الناس يحسدونه مثلا، يصنع حاجزا بينه وبين وجهات النظر المختلفة، وبالتالي، بينه وبين استقبال صور المرآة بشكل جيد. كأنه يقول: "هذا اليوم كئيب، لا أحد سعيدٌ في هذا اليوم!".
ثمة، في علم النفس، ظاهرة تدعى، صورة المرآة*. هذه الظاهرة يفتقر إليها المصابون بالتوحد** والاكتئاب وحالات مرضية كثيرة. تفسيرها: أن هناك، في مراكزنا العصبية (المخ) مناطق تنشط عندما نرى الآخرين يضحكون، يبكون، يعبرون عن مشاعرهم المختلفة. ولا أحد منا خرج من البيت ذات يوم عابسا، ثم التقى بشخص كثير الابتسام، ثم لم يبتسم. يصعب التغلب على هذه الصور المنعكسة! ولكن الاستثناءات التي عرضتها للتو، ومنها الحالة التي نحن بصددها، تعاني من تشوّش في هذه الصور. وهناك أسباب لهذا التشوش، منها أنهم يعانون أيضا من بعض الصعوبات في تقدير وجهة نظر الآخر. فالتعميم الذي يتخذه المكتئب مبدأ له، أن كل الناس يحسدونه مثلا، يصنع حاجزا بينه وبين وجهات النظر المختلفة، وبالتالي، بينه وبين استقبال صور المرآة بشكل جيد. كأنه يقول: "هذا اليوم كئيب، لا أحد سعيدٌ في هذا اليوم!".
وبالقيام ببعض التعديلات في حياتنا، نعيش. لو أننا مخلوقات لا تصحح اعتقاداتها لكنا انتهينا منذ عصور. فما هي هذه التعديلات؟ ليست هناك تعديلات محددة. ولكن تغيير مفاهيمنا عن الآخرين، إتاحة الفرصة لابتساماتهم العفوية أن تصلح من أحوالنا، وعدم الانشغال بالحالات الغيبية كالحسد والعين، كل هذه الخطوات ستقربنا من تحقيق الذات السعيدة المختبئة فينا.
بمجرد دخولك إلى بيت مظلم تعتقد أنه مليء بالثعابين، ستخاف من ملامسة قشَّة لأصابع رجلك. هذا شرح أدبي للمثل الشعبي الجازاني "من قبصه امحنش، يهرب من امطُفية". شكرا لتعاليم أجدادنا التي تعلمنا أن نعالج الأمور بهذه الحكمة. وعذرا لهم على خرافاتهم حول الحسد والعين وكل ما يمكن أن يقوّض بنيان ثقتنا بأنفسنا وثقتنا بالآخرين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق