21‏/07‏/2015

كما يفعل الحناء (4)






وسوف أغير من نظرتي للتغير
وأنظر صوب الجنوب الرتيب كما ينظر الأنبياء إلى شغف القبلة الثانية.
سأرفع صوت أذاني الذي هو آخر ما خطه الكمبيوتر من شعري المتوجع من وجعي
المتكوّر بين يديّ 
البسيط الطويل الخفيف الكثير السخيف السؤاليّ والآلهاتيّ والمتبحّر في موجة 
وأوجه وجهي صوب الجنوب الأموميّ أكثر من أي شيءٍ.

لكلٍ جنوبٌ يصلّي إليه 
يا أبرهة
فلو كنت تملك شيئا من الشعر 
لو كنت شاعرًا
لما صرت أنت الفريسة والعصف 
ما لقي الطير فرصته للتوحّش والقذف 
ما كان ثمّ إمامٌ مراءٍ يرتّل جيشك واسمك في سورة الفيل.

يا أبرهة..
لو كنت تملك شيئا من الجغرافيا
لو كنت أنضج شيئا قليلا لفكرت قبل التهور مثلي
وقررت ألا تسافر بالفيلة
وتبطئ 

يا أبرهة.
ولو كنت تملك شيئا من الفيزياء
لكنت توقعت أن الأماكن نسبية والشمال الذي لم يرق لك كان جنوبا وشرقا وغربا.
ولكن نظرتك القاصرة
دعتك إلى كعبة الله 
كم أنت طفلٌ ضعيفُ الذكاء 

يا أبرهة..
ولو كنت تملك شيئا من البحر 
لو كنت تعرف أن المقدّس كالبحر في كل شيء 
وكالملح في كل كعبة
لكنت بنيت جنوبك بالناس والمنطق السهل والطير والغيب والأنبياء
وسوّرته بالصلاة وبالأفئدة
لما كنت أنت الوحيد الذي خاض حربا مع الطير 
وانتصر الطير

يا أبرهة
ولو كنت أسطورةً لكُتبت بماء العيون
وصرت إلها من الآلهة
إله الغباء 
وكل غبيٍّ سيسعد بالقرب منك على صفحة واحدة..
وفي فترة واحدة
وكانت حروف اسمك العربية تمنحك الأولوية في أبجدية الأوديسة الثانية.
وكنا سندرس تاريخ سيرتك التافهة
وسيرة تاريخك: نصفٌ غبيٌّ ونصفٌ يغني ويعصر خمرا لحورية البحر
ما كان أقرب بحر الجنوب

يا أبرهة
ولو كنت تملك أن تتغيّر مثل الأراك 
لكنت عشقت مكانك 
وكنت دفنت جذورك 
وكنت أطلت التفكر في صيغة البحر 
كنت مضغت ملابسك الهمجية
حتى يجرب رأسك طعم التأني 
فتنجو من المهزلة.

يا أبرهة
تخيل معي... هذه كعبة راسخة، لكنها صغيرة.
وفي رأسك المتفائل طيرٌ يفكر في كعبة أكبر.
لأن الطيور تكون سياسية عندما تجوع
لأنها ينالها كلما اتسعت رقعة القدسية خبزٌ أجلُّ وأشهى.
فهل كان محتملا أن يجشّمك الطير طول المسافة كي يأكلك؟

يا أبرهة
هناك عجائز ما زلن يؤمنّ بالقدريّة
وإني أفضل أن أستعين ببعض القدر لأنهي هذا النداء الطويل.
تفكر، ثم تسافر، ثم تصادف بعض الطيور وفي فمها حجر بمقاس جنودك. 
لأن نبيا سيولد في عامك 
لأنك إحدى قضايا النبي الجنين.
وإحدى صفاته.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.